
هل كان احد يتخيل ان تستيقظ تل أبيب في ال 14 من حزيران /يونيو على صباح غير معهود؟، مشاهد دمار تفتح قريحة “الاسرائيليين” على التصوير على الرغم من توجيهات الناطق العسكري بالأمس بعدم تصوير المناطق وعدم تحديدها.
وبعيدا من ان قائد الجبهة الداخلية في منطقة غوش دان بالامس حدد بالخطأ في مقابلة تلفزيونية مع القناة 12 موقع وقوع صاروخ ايراني أحدث دمارا هائلا، الا ان القنوات والمواقع الاخبارية ملتزمة بالقول ان الصاروخ الفلاني نزل في تل ابيب بشكل عام دون تحديد المنطقة، كي لا يتمكن احد من معرفة الهدف ما يفصح عن ضربات استراتيجية نوعية تطال مناطق حساسة.
وعلى الرغم من التعتيم حول ما اذا اصيبت الكرياه- وزارة الدفاع الاسرائيلية- بشكل مباشر، الا ان مراسل فوكس نيوز الامريكية وقف بالامس وتحدث عن اصابة المبنى المباشرة قبل طرده من قبل الشرطة واغلاق المكان.
نعم السؤال الاهم هو الى اي مدى تستطيع ايران الاستمرار بهذه الوتيرة، والى اي مدى تحتمل تل ابيب مشاهد كهذه، خاصةً ان اخفاء اعداد الصواريخ والاضرار التي نتجت عنها ليس بالأمر السهل ولن يجدي نفعا، سيصور الاسرائيليون وسينشرون ليس لأجل الاثارة فحسب، وانما لأجل شركات التأمين ايضا.
اما منعها قدر المستطاع من الانتشار فهو منع لإيران من الاعتقاد انها حققت ردعا، خاصة ان الاخيرة تبحث في ردها ليس عن مجرد رد اعتبار، وان اسرائيل ستعمل لإنتاج صور دمار استثنائية في ايران طبقا لما يرشح من تل أبيب.
معركة الردع التي تخاض الان من شأنها ان تحدد الملامح الاولى لشكل المنطقة، من سيطلب التوقف اولا؟ من سيطلب التفاوض؟ كل هذا سيحدد شكل المنطقة واليد العليا فيها وتفاعلاتها المستقبلية، واصطفافات القوى الكبرى ..
نعم الدور الامريكي لا يقتصر على السلاح والدعم المعنوي، المعلومات الاستخبارية المشتركة هي السبب المباشر في حصيلة اليوم الاول من الاغتيالات، التي يُراد لها امريكيا واسرائيليا ان تغيير شكل طهران وبالتالي علاقاتها مع ساحاتها الخلفية بالمنطقة ونفوذها الاقتصادي، مع مخاوف دولية من اغلاقها لمضيق هرمز، الذي يمر منه 60% من نفط العالم.
وعليه الى اي مدى ستصمت الصين حيال البلطجة العسكرية والسياسية الامريكية والاسرائيلية في المنطقة؟ ونسأل عن الصين حقيقةً، لأن الدول العربية التي لا تنظر للمنطقة كمنطقة، معنية في اللحظة التاريخية هذه بالحفاظ على مصالحها الضيقة وايجاد سبيل للتأقلم في منطقة تسيطر عليها اسرائيل كقوة عسكرية نووية وحيدة، لكن لنتذكر انها تخوض معركتها الوجودية، ومن يشغله ذلك لا يشغله السلام بأنواعه، في حال كان هو ثمن السكوت العربي.
نحن في زمن تحقيق احلام اليمين المتطرف في المنطقة وليس فقط في اسرائيل، اغلاق الضفة وقطع الانترنت عن غزة واغلاق المسجد الاقصى امام المصلين، وتصريح السفير الامريكي في اسرائيل ان بلاده ما عادت تدعم اقامة دوله فلسطينية وانه يمكن اقامتها في دول اسلامية، كل هذه الخطوات بالتزامن مع الحرب على ايران هي جزء من الحرب الاسرائيلية الغربية لتغيير منطقة الشرق الأوسط.