اخبار محلية

العلامة الخطيب: المسلم الحقيقي هو الذي يحافظ على كرامات الناس

زار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب بلدة يونين، في البقاع الشمالي، للوقوف على خاطر عائلة آل زين الدين معزيًا بشهيد الإصلاح حسن محمد زين الدين الذي قضى برصاصة عن طريق الخطأ، بينما كان يقوم بواجبه الإصلاحي بين آل قصاص وأبناء عمومة وإخوة .

وفي لقاء عقد، في منزل الحاج محمد زين الدين، بارك العلامة الخطيب موقف العائلة، في حضور رئيس تكتل بعلبك الهرمل النيابي الدكتور حسين الحاج حسن ومدير الجامعة الإسلامية في البقاع الدكتور أيمن زعيتر ممثلًا قيادة حركة أمل في البقاع، والمفتيين الشيخ عبدو قطايا والشيخ عباس زغيب، ورئيس مركز حوار الثقافات والأديان في لبنان الدكتور علي السيد قاسم، وعدد من رجال الدين وفعاليات بلدة يونين والبقاع الشمالي.

كلمة ترحيبية باسم عائلة زين الدين للحاج محمد زين الدين؛ استعرض فيها تاريخ بلدة يونين، وقال إن حسن زين الدين قضى عن طرق الخطأ، وهو يقوم بواجب الإصلاح، وبفضل الخيرين والعلماء عملنا على تطويق الحادثة.

كلمة الخطيب

تحدث العلامة الخطيب فأعرب عن أسفه وحزنه للحادثة، في بلدة تمثل خزان المعرفة والقيم والتاريخ، وقال: “لا أريد أن أبرر أمثال هذه الحوادث؛ بقولي إنه أمر يحصل في كل مكان. هناك أخطاء قد تحصل، لكن من واجبنا أن نحدّ من هذه الحوادث بتنبيه إخواننا وأهلنا وبيئتنا للآثار التي تتركها هذه الأحداث”.

وثمّن الخطيب موقف صاحب الدار: “هذا الموقف الشريف الذي عبر عن عائلة زين الدين، والذين هم ركن من أركان هذه الطائفة في هذه المنطقة العزيزة، هو تعبير عن جوهر أهلنا، عن ثقافة يونين المليئة بالكوادر والأساتذة وأصحاب المقامات الثقافية، وكتّاب، متعلمين ووجهاء من كل عائلاتها الكريمة. لافتًا إلى أنّ ما عبر عنه الحاج زين الدين هو ليس عن عائلة زين الدين فقط، إنما عبّر عنا جميعا، عن هذا التراث عن هذه الثقافة التي يتمتع بها أهلنا، والتي ورثوها عن نبيهم وأئمتهم وعن علمائهم عن صلحائهم ووجهائهم الذين تركوا لنا ميراثًا كبيرًا، وعلى رأسهم الشهداء في يونين وغير يونين”.

وأضاف: “لذلك أنا لا أفاجئ بهذا الموقف الكبير الذي يتجاوز ما حصل، وأن نبقي ونسير على الصورة التي أعطيناها في المرحلة الماضية في الانتخابات البلدية، الصورة التي أذهلت كل المتربصين بهذه البيئة، كل الذين يتربصون ببيئة المقاومة على الرغم مما أصابها من جراح وآلام، وأن ذلك لم يثنها عن موقفها الثابت في مواجهة العدوان والتمسك بلبنان وطنًا نهائيًا لبنيه، وفي الحفاظ على حدود لبنان والعيش المشترك بين جميع أبنائه والحفاظ على دماء الشهداء”.

وأردف الشيخ الخطيب: “هذه الصورة التي أعطتها هذه الطائفة، ويريد البعض أن نتخلى عنها، وأن نعطي عنها صورة أخرى، هؤلاء يفكرون بهذه الطريقة بينما أنتم تفكرون بوحدة لبنان وبوحدة الشعب اللبناني، تبذلون دماءكم وأعزاءكم في سبيل الحفاظ على لبنان، بينما الآخرون يريدون أن يعكسوا هذه الصورة وأن تتخلى الطائفة الشيعية عن تاريخها وعن ثقافتها وعن وقوفها مع الشعب اللبناني جميعًا من أجل الحفاظ على لبنان وعن التاريخ”.

وقال: “أنتم ثابتون على المواقف الشريفة الكريمة، فالانتخابات البلدية لم تكن انتخابات بلدية، بل كانت انتخاب خيارات سياسية، وأنتم اخترتم أن تقولوا “نعم نحن ثابتون على خيارنا الوطني”، فنحن لا نقاتل على أن هناك مشكلة شيعية في لبنان، المشكلة هي مشكلة وجود ومشكلة بقاء لبنان أو لا بقاء. نحن لا نقاتل من أجل سلطة، وأن تكون الطائفة في موقع الطائفية السياسية، وفي أن تبذل دمها في سبيل ذلك، فهذا غير صحيح وفي ذلك هم يهينون الطائفة الشيعية، والذين يفكرون في هذه الطريقة يفكرون بخلفياتهم، فدماء أبنائنا أغلى من هذه السفاسف”.

وتابع: “نحن لسنا طائفيين.. الشيعة لم يكونوا في تاريخهم طائفيين، كانوا دائمًا مع الأمة، مع المجتمع السياسي العام، ولهذا لم يدفعوا يومًا شعارًا سياسيًا انفصاليًا، وإنما كانوا يبذلون دماءهم في سبيل وحدة الأمة والوطن. نحن اليوم دفعنا هذه الأثمان من أجل لبنان من أجل بقاء لبنان، من أجل رفع الخطر عن لبنان في مواجهة العدو “الإسرائيلي” الذي يتربص بنا وبلبنان”.

وأضاف الشيخ الخطيب: “في الاجتماع السياسي، لا يوجد مسيحي ومسلم، لا يوجد سني وشيعي ودرزي وماروني، بل يوجد لبنانيون. مهمة الدين والمذهب هي تقوية هذه الوحدة الوطنية، وليس إضعافها أو وضع حواجز بين المواطنين وبين الناس. هذه هي مهمة المذاهب والدين، وإذا كانت مهمة المذهب والدين هي وضع الحواجز بين الناس، فهذا ليس بدين، هذا دين شيطاني، الدين يأمرنا بأن نحب للناس ما تحبونه لأنفسكم، الناس سواسية كأسنان المشط، والناس صنفان: أما أخ لك في الدين وأما نظير لك في الخلق، كما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. الدين يأمر بالتعارف “يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”، لا لتتخاصموا وتضعوا حواجز فيما بينكم، لا ليحقد ويعتدي بعضكم على البعض الآخر، وإنما لتعارفوا “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، والمقصود هنا بالتقوى”، التقوى السياسية، والتقوى السياسية يفسرها رسول الله “ص” الذي يقول “الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله”، لم يقل مسلم أو مسيحي، ولا شيعي، ولا سني”.

وتابع: “المسلم الحقيقي هو الذي يحافظ على كرامات الناس، والذي يحترم حقوق الآخرين، والذي يدفع نحو التعامل والتقارب والمحبة والتعاون في سبيل الوطن وكرامة أبنائه وشعبه. لذلك نحن لن نقلب هذه الصورة، هذه الصورة ستبقى. لا يجوز أن تكون هناك بعض الأحداث وعلينا أن ننتبه، فنحن في وضع خطير جدًا، لبنان في وضع خطير جدًا. البعض يفكر في أنه يريد أن يستغل هذه الخطورة ليربح اللبناني، وهو لا يعلم أنه يتآمر على نفسه، لأن الخطر ليس على الشيعة في لبنان، الخطر والخطورة على لبنان، وأثبتنا أننا رجال قادرون على اتخاذ المواقف الصعبة في الأوقات الصعبة، وعندما يُطلب منا موقف، فنحن على مقدار هذا الموقف. لذلك ما سمعته من موقف من هذه العائلة الكريمة آل زين الدين الكرام، أنا أحييهم على هذا الموقف، وفي الوقت نفسه أعزيهم على أن رجلاً كان يسعى للإصلاح، وأن يذهب نتيجة هذه الأخطاء التي يجب أن نعمل على التقليل منها، لا أقول إنهائها، المجتمع الإنساني يحصل فيه أخطاء وهذا أمر طبيعي، وعليّ تنبيه أبنائنا من استعمال السلاح، فالسلاح ليس للداخل، السلاح للعدو “الإسرائيلي” الذي لم تبخلوا في دفع الثمن وبذل الدماء بوجه هذا العدو وفي سبيل وحدة لبنان وكرامة لبنان، وعبرتم عن هذه المواقف في كل تاريخكم، كل التاريخ الماضي، العشائر والعائلات والشخصيات، هناك أبطال في هذه المنطقة تركوا لنا إرثًا كبيرًا نفتخر به أمام العالم”.

وأردف الشيخ الخطيب: “من هنا من بعلبك الهرمل من رأس العين من كل بلادنا الذين وقفوا مع الإمام موسى الصدر الذي زرع لنا هذه الكرامة وبعث فينا هذه الحيوية، وقد سجلتم التاريخ في هذا الزمن ورغم كل ما أصابنا كما ذكرت في تمنين أمس، أنه لو كانت المقاومة فصيلًا مسلحًا لانتهت. المقاومة هي مقاومة الشعب، كلنا مقاومة، ومن يفكر أن ينهي المقاومة عليه أن يفكر كيف ينهينا جميعًا، والشعارات التي ترفع هذه تريد اقتلاع أمر من المستحيل اقتلاعه. هذه المقاومة من هذه البيئة ومن لبنان، فاللبنانيون في أغلبهم مع المقاومة وعبروا عن ذلك في عدة محطات، وفي البلديات كان التعبير واضحًا عن أن اللبنانيين ليسوا هم الذين يعبرون تعبيرات عصبية ضد المقاومة، لا، هؤلاء لا يعبرون إلا عن فئة قليلة في لبنان، أما الشعب اللبناني فغالبيته والأغلبية مع هذا الخيار، والبقية هم مضللون بعناوين طائفية؛ فالشهيد دفع دمه ثمنًا فداء لهذه البلدة وأهلها”.

من جهة ثانية، أوفد العلامة الخطيب وفدًا من علماء الدين والعشائر لتعزية آل زعيتر والمقداد ومشيك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى