
في وقتٍ يُعاني فيه أهالي غزة من أقسى أنواع الحصار والقصف والتجويع، تكشف تقارير وتحليلات عن مشروع تهجير قسري لسكان القطاع إلى صحراء سيناء، ضمن خطة أمريكية-صهيونية مفضوحة. إلا أن الأخطر من مضمون هذه الخطة، هو ما يتم تداوله عن موافقة الحكومة المصرية عليها، أو على الأقل تواطؤها في تنفيذها؛ وهو ما يشكّل خيانة وطنية وقومية لن تُمحى من ذاكرة المصريين.
السيسي… وسياسة المتاجرة بالأرض والناس
منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم، ظهرت بوادر الانصياع الكامل للسياسات الأمريكية والإسرائيلية. إلا أن التنازل عن جزء من أرض سيناء لصالح مشروع تهجير الفلسطينيين، يُعدّ سابقة خطيرة لم يشهد لها التاريخ المصري مثيلاً. فسيناء أرض مصرية، وليست حلاً لمشاريع التطهير العرقي التي يسعى إليها الاحتلال الإسرائيلي.
الاجتماع الطارئ الذي عقده السيسي مع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين لم يكن للنقاش حول كرامة مصر أو الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، بل كان لمناقشة كيفية تقليل الخسائر الاقتصادية في حال رفض الخطة الأمريكية، وطرق احتواء الغضب الشعبي.
الشعب المصري أوعى من حكامه
في الوقت الذي تبحث فيه السلطة عن ضمانات أمريكية بإلغاء ديون مصر الخارجية مقابل التواطؤ في تهجير الفلسطينيين، يرفض الشارع المصري بمختلف فئاته هذه الصفقة المخزية. وقد هددت نقابات ومؤسسات مدنية وشرائح واسعة من المجتمع المصري بالاحتجاج وربما التمرد في حال تنفيذ هذا المشروع.
كيف لحكومة دولة كانت ذات يوم من رموز مقاومة الصهيونية أن تتحول إلى أداة تنفيذية لمخططات الاحتلال؟! وهل من حكومة وطنية حقيقية تُفرّط بأرضها أو تهدر كرامة شعبها بهذا الشكل المهين؟
مصر التي تُدار بإرادة الغير
المواقف الأخيرة تُظهر مصر كدولة ضعيفة مُنقادة بالكامل وراء إرادة واشنطن وتل أبيب. فالتهديد الأمريكي بإسقاط النظام في حال رفضه للخطة، مقابل وعود بدعم الاقتصاد المصري وتثبيت السيسي في الحكم، يكشف حقيقة التبعية المهينة التي باتت تهيمن على القرار المصري.
كما أن التنسيق الأمني والاقتصادي مع الاحتلال من أجل تقويض المقاومة الفلسطينية ومنح الاحتلال حرية الوصول إلى غاز غزة، يُعدّ وصمة عار في سجل السياسة الخارجية المصرية.
مستقبل مصر: بين العودة إلى الإرادة الوطنية… أو الغرق في التبعية
بات نظام السيسي أمام مفترق طرق حاسم: إما أن يستعيد احترامه لشعبه وسيادة أرضه وينحاز إلى القضايا القومية، أو يواصل الانحدار في مستنقع التبعية والانبطاح للضغوط الخارجية، وهو ما سيؤدي حتماً إلى اضطرابات داخلية وتفكك سياسي.