اخبار عربية ودوليةالرئيسية

الشرع يستنجد بالخليج لحلّ أزماته

الاخبار

في زيارة هي الأولى من نوعها إلى قطر، الشريك الاستراتيجي له، زار الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أمس، الدوحة حيث التقى أمير قطر، تميم بن حمد، بعد يومين على زيارة أجراها إلى تركيا والإمارات، في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن الولايات المتحدة الأميركية أبلغت تل أبيب عزمها الانسحاب جزئياً من سوريا.

وقال تميم، الذي كان زار سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد ووصول الشرع إلى سدّة الحكم، عبر موقع «إكس»، «(إننا) سعداء بزيارة أخي الرئيس السوري أحمد الشرع، وبمباحثاتنا التي شملت مجموعة واسعة من أوجه التعاون الثنائي في شتى المجالات». وتابع أن «العلاقات الأخوية بين بلدينا الشقيقين في تطور ونماء كبيريْن بفضل حرصنا المشترك على تعزيزها وتطويرها، ونعمل معاً من أجل الارتقاء بها إلى المستوى المأمول الذي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، آملين أن يسهم ذلك في تحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق في الاستقرار والازدهار والتنمية».

وتأتي زيارة الرئيس السوري الانتقالي، على رأس وفد ضمّ وزير خارجيته، أسعد الشيباني، بعد يوم واحد فقط من زيارة أجراها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي تتخذ بلاده موقفاً متردّداً من الإدارة السورية الجديدة، إلى العاصمة القطرية، وبالتوازي مع مساعٍ سعودية للعب دور أوسع في الملف السوري، عبر مسارات عدة، من بينها محاولة الوساطة لدى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي لم تعترف بلاده بعد بالحكومة السورية الجديدة.

وفي وقت ازداد فيه الحديث عن إمكانية استثمار قطر للتغيّرات التي جرت في سوريا، ولمساعي تركيا لعب دور أكبر في قطاع الطاقة العالمي، ومدّ خطوط نفطية قطرية عبر سوريا، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «تل أبيب تنظر بعين القلق إلى احتمال أن تتحوّل سوريا وتركيا إلى ممر رئيسي للطاقة الخليجية المتجهة نحو أوروبا»، موضحة أن هذا المشروع (الذي بدأ الحديث عنه عام 2009 وتمّ تجميده عقب اندلاع الأحداث في سوريا) عاد أخيراً إلى دائرة الاهتمام، بعد بوادر لتقارب بين دمشق وأنقرة وطرح مشاريع تعاون إقليمي في قطاع الطاقة. واعتبرت أن ذلك يشكّل «تحدياً استراتيجياً» لإسرائيل في المنطقة، وخصوصاً مع ارتفاع حدّة الصدام السياسي بين تل أبيب وأنقرة على خلفية التمدّد التركي العسكري في الداخل السوري، ومحاولة إنشاء قواعد وسط البلاد، وهو ما أعلنت إسرائيل رفضه.

وإلى جانب الملفات السياسية، يشكّل الجانب الاقتصادي أحد أبرز محاور اهتمام الشرع في زيارته إلى الدوحة، في ظل الضغوط المتراكمة جراء الانهيار الكبير في الاقتصاد السوري من جهة، واستمرار العقوبات التي تقوّض بعض الجهود المبذولة لتقديم الدعم لحكومته، من جهة أخرى، إذ تعاني هذه الأخيرة في الأسواق العالمية لشراء النفط، الذي تستمر روسيا بتوريده بشكل متقطّع، والقمح الذي فشلت مناقصتان أعلنت عنهما الحكومة لسدّ عجز متوقّع في المخزون السوري على وقع تراجع محصول القمح بسبب الجفاف، والآثار التراكمية للحرب وما رافقها من اقتسام للموارد، حصلت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على حصة الأسد فيها، جراء سيطرتها، بدعم أميركي، على حقول النفط والمناطق الزراعية في الشرق السوري، والذي يُعتبر خزان القمح السوري.

لا تُعتبر نية الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا أمراً مفاجئاً في ظل حكم ترامب

وإلى جانب تعويله على دعم حلفائه (قطر وتركيا)، والدور الذي تحاول السعودية لعبه، يسعى الشرع إلى إتمام الاتفاق مع «قسد»، بوساطة فرنسية – أميركية، لضمّ هذه القوات إلى الجيش السوري الناشئ، وسط عقبات عديدة من بينها رغبة الأكراد بإقامة نظام فيدرالي. في هذا السياق، أعلنت ممثّلة دائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إلهام أحمد، خلال استقبال وفد برلماني من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في القامشلي، أن الحكومة السورية الجديدة «فشلت في تمثيل التنوّع السكاني في سوريا وتعتمد كلياً على أيديولوجيا إسلامية سلفية»، مشيرة إلى أن «النظام يحاول أن يقدّم نفسه للمجتمع الدولي كمدافع عن حقوق الإنسان، بينما تناقض ممارساته هذا الادّعاء».

كذلك، أكّدت أحمد أن الحوار بين الأحزاب الكردية لا يزال نشطاً، مشيرة إلى وجود «نقاشات جدية بشأن تحقيق الوحدة». كما أكّدت خططاً لعقد مؤتمر وطني للأحزاب الكردية في 18 نيسان الجاري، يتبع بتشكيل لجنة مشتركة تشرف على مفاوضات إعداد مسوّدة دستور سوري جديد، مشدّدة على أهمية شمول جميع مكوّنات المجتمع السوري في العملية الدستورية. وأوضحت أنه سيتم تشكيل لجان جديدة تجمع مختلف مكوّنات المجتمع السوري.

وبينما تستند «قسد» على فرنسا والولايات المتحدة التي تملك قواعد عديدة شمال شرق سوريا، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن مسؤولين أمنيين أميركيين أبلغوا المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الانسحاب التدريجي للقوات العسكرية الأميركية من سوريا سيبدأ خلال شهرين، وقالت إن إسرائيل حاولت منع ذلك لكنها فشلت في ذلك. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير أن تل أبيب تعتقد بأن هذه الخطوة ستؤدي فقط إلى انسحاب جزئي، لكنها لا تزال تعمل مع نظرائها الأميركيين لإقناعهم بإبقاء القوات في سوريا، مشيرةً إلى أن المسؤولين الإسرائيليين أعربوا عن قلقهم الشديد من تداعيات هذه الخطوة.

وتابعت أن «مخاوف إسرائيل تأتي خوفاً من زيادة التوترات مع تركيا، التي تعمل على زيادة سيطرتها على المنطقة، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد»، لافتة إلى أن إسرائيل تعتقد بأن انسحاب القوات الأميركية «قد يزيد من الشهية التركية للسيطرة على أصول عسكرية أكثر استراتيجية في الميدان».

ولا تُعتبر نية الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا أمراً مفاجئاً في ظل حكم ترامب، الذي حاول عام 2018 الإقدام على هذه الخطوة، وقام قبل نحو أسبوع بتهنئة الرئيس التركي، الذي قال إنه يحبه، بالسيطرة على سوريا، داعياً أنقرة وتل أبيب إلى حل مشاكلهما بالطرق السياسية والدبلوماسية. وتأتي هذه الأنباء بالتوازي مع الضغوط التركية المستمرة عبر مسارات عديدة، لدفع واشنطن إلى الخروج من سوريا، من خلال محاولة سحب ذريعة الوجود الأميركي المتمثّل بمحاربة الإرهاب، من خلال تشكيل تحالف إقليمي يضم سوريا وجيرانها (تركيا والعراق والأردن ولبنان) لمحاربة الإرهاب، بالإضافة إلى عدم عرقلة الاتفاق بين «قسد» وحكومة الشرع، مع اشتراك انسحاب المقاتلين غير السوريين، الذين تصفهم تركيا بأنهم إرهابيون، من سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى