اخبار محليةالرئيسية

دمشق غير جاهزة لفتح «الملفات الدسمة» مع بيروت

الأخبار

كان من المفترض أن يتوجه وفد أمني لبناني إلى دمشق للبحث في عدد من الملفات العالقة بين البلدين، إلا أن الحكومة السورية طلبت تأجيل اللقاء إلى أجل غير مسمّى، في خطوة تعكس تعقيدات المشهد السياسي السوري ورغبة دمشق في إعادة توجيه دفة التفاوض مع لبنان نحو ملفات أكثر أولوية بالنسبة إليها.

أولويات متباينة
وفقاً لمصادر مطلعة، فإنّ الحكومة السورية «لم تبدِ استعدادها للبحث في ملف إعادة اللاجئين السوريين في لبنان، وهو الملف الذي يشكّل أولوية ملحّة للحكومة اللبنانية في ظل الضغط الداخلي المتزايد والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي يخلّفها وجودهم».

ويبدو أن دمشق تدرك أن فتح هذا الملف يعني عملياً تحميلها أعباءً إضافية هي بغنى عنها في الوقت الحالي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها البلاد والتحديات الأمنية المستمرة بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وتولّي أحمد الشرع الإدارة الجديدة للبلاد.

في المقابل، تضع الحكومة السورية على طاولة التفاوض ملفين رئيسيين هما استرداد المساجين السوريين في السجون اللبنانية، واستعادة الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية. وبحسب المعطيات، فإن أكثر من نصف المساجين السوريين الذين تطالب بهم دمشق، محكومون بتهم تتعلق بالإرهاب، ما يجعل من هذا الملف شائكاً ويضع الحكومة اللبنانية أمام تحدّيات قانونية وسياسية.

ووفقاً لمصدر قضائي، فقد أبدى لبنان استعداده لتسليم أكثر من 700 سجين سوري من أصل أكثر من 2000 يقبعون في السجون اللبنانية المكتظة.

ووفقاً لمصدر أمني لبناني، يقبع في السجون اللبنانية أكثر من 2100 سجين وموقوف سوري، من بينهم «1756 سجيناً في السجون الرئيسية، بينهم 350 صدرت بحقهم أحكام مبرمة، والباقون ما زالوا قيد المحاكمة»، يُضاف إليهم «650 موجودين في مراكز التوقيف الموقتة»، كما أفادت وكالة «فرانس برس».

أما استعادة الأموال السورية من المصارف اللبنانية، فهو مطلب يعبّر عن أولوية اقتصادية لدمشق، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يعود إلى رجال أعمال سوريين مقرّبين من النظام السابق، وُضعت حساباتهم في خانة الأموال المجمدة بفعل الأزمة المصرفية اللبنانية والإجراءات المالية الدولية المفروضة على سوريا.

غياب الجهة المخوّلة للحسم؟
لم يكن تأجيل اللقاء الأمني الذي كان مرتقباً في دمشق مجرد قرار عابر من دمشق. بل يعكس أيضاً واقع القرار داخل النظام السوري، حيث لا تزال السلطة الجديدة غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة في الملفات الإستراتيجية وتلك التي تتعلق بالمنطقة على حد سواء. فالحكم في سوريا رغم كل التغيرات التي شهدناها بعد سقوط النظام لا يزال يفتقد إلى القدرة الفعلية على إدارة ملفات بهذا الحجم، وهو ما يجعل من اللقاءات مع الجانب اللبناني أمراً غير ذي جدوى في المرحلة الحالية.

هذه التعقيدات تشير إلى أن المفاوضات بين الجانبين اللبناني والسوري ستبقى رهينة التوازنات الإقليمية والدولية، حيث تتداخل الحسابات السياسية والأمنية، ما يجعل من أي تفاهمات بين الطرفين مشروطة بتوافقات أوسع تتجاوز الإرادة الثنائية. وحتى ذلك الحين، يبقى لبنان أمام واقع مأزوم، حيث لا حلّ وشيكاً لملف اللاجئين، ولا قدرة على تجاوز الضغوط المفروضة عليه من الجانب السوري في قضيتي المساجين والأموال المجمدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى