الرئيسيةرياضة

كيف أحبط فالفيردي خطة أتلتيكو مدريد المُحكمة؟

أحمد وليد - نيويورك تايمز

تعتمد الخطط التكتيكية الناجحة على بعض الأسس الضرورية. يجب أن تلتزم بمبادئ الفريق، مع خلق مزايا ضدّ الخصم، من دون أن تُضعِف الفريق في مراحل معيّنة من اللعب.

كما يجب أن تتناسب مع خصائص اللاعبين المتاحين، إذ تُعظِّم نقاط قوّتهم وتُقلِّل من نقاط ضعفهم. لكن كل تلك النظريات التي تُصاغ قبل المباراة يمكن أن تنهار تماماً إذا فشل اللاعبون في تنفيذ الخطة لأي سببٍ كان.

كما يمكن أن يكون تنفيذ الخصم لتكتيكاته وردّة فعله عائقاً أيضاً، حتى لو كانت الفكرة منطقية نظرياً. وهذا ما حدث في فوز ريال مدريد 2-1 على أتلتيكو مدريد في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا، إذ تمكن لاعب الوسط الأوروغوياني فيديريكو فالفيردي من إحباط خطة أتلتيكو على الجهة اليسرى بشكل شبه كامل.

على الورق، لعب أتلتيكو بتشكيلة 4-4-2، لكن عند الاستحواذ على الكرة، كان الظهير الأيمن ماركوس يورنتي يتحرّك للداخل ليتمركز بجوار قلبَي الدفاع، بينما كان خافي غالان يتقدّم إلى الأمام على الجناح الأيسر، ويتحرّك البرازيلي صامويل لينو في المساحة بين الخطوط اليسرى ليمنح الفريق شكلاً تكتيكياً أقرب إلى 3-2-4-1.

كانت الفكرة منطقية نظراً لضعف شكل ريال مدريد الدفاعي في 4-4-2 عندما لا يمتلك الكرة هذا الموسم. نظرياً، كان فريق المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني يسعى إلى استغلال المساحات من خلال صانع الألعاب الفرنسي أنطوان غريزمان بين الخطوط، أو السماح للمهاجم الأرجنتيني يوليان ألفاريز بمهاجمة الفراغ الذي يتركه قلبا دفاع ريال عندما يكونان خارج مواقعهما، أو عزل الظهير البديل فالفيردي في موقف اثنَين ضدّ واحد.

لكنّ فالفيردي كان واعياً لذلك وردّ بطريقة مثالية. في البداية، لم يلتزم الأوروغوياني تماماً بمراقبة لينو أو غالان، بل حافظ على تمركز يسمح له بالتحرّك نحو أي منهما، بناءً على اتجاه هجوم أتلتيكو.

عندما كان فريق سيميوني يبني هجماته من الجهة اليمنى ثم ينقل اللعب إلى اليسار لإيجاد لينو أو غالان، كان فالفيردي يضبط تمركزه وفقاً للموقف.

هنا، يرى فالفيردي أنّ لاعب الوسط الفرنسي أوريلين تشواميني وقطب الدفاع راوول أسينسيو في وضع يسمح لهما بالتعامل مع لينو، لذا يتخذ بضع خطوات نحو اليمين بينما يتمّ تناقل الكرة إلى قلب دفاع أتلتيكو الأيسر الفرنسي كليمان لانغليه.

عندما يمرّر لانغليه الكرة إلى غالان، يكون فالفيردي بالفعل في موقع مناسب لمراقبة الظهير الأيسر، بينما يتابع أسينسيو تحرّكات لينو. ثم يحاول غالان تمرير الكرة إلى ألفاريز الذي ينطلق في المساحة، لكنّ تشواميني يقطع التمريرة.

طوال المباراة، كان فالفيردي بمثابة المايسترو في تنظيم دفاع ريال مدريد على الجهة اليمنى. تكرّر موقف مشابه لما سبق، عندما حاول غالان ولينو خلق تفوّق عددي على الجهة اليسرى بينما كان أتلتيكو يبني هجومه من الجهة اليمنى.

عندما أعاد بابلو باريوس الكرة إلى الأرجنتيني خوسيه ماريا خيمينيز، وجّه فالفيردي تعليماته إلى تشواميني بمراقبة لينو، ثم تحرّك نحو غالان ليمنع لانغليه من تمرير الكرة إليه بسهولة. في الوقت عينه، أشار فالفيردي إلى قطب الدفاع الألماني أنطونيو رودريغو للتقدّم والضغط على لانغليه.

نتيجة لذلك، لم يتمكن أتلتيكو من استغلال الميزة العددية التي كان يحاول صناعتها على الجهة اليسرى.

بعد ذلك، مرّر لونغليه الكرة إلى غريزمان، الذي لعبها بشكل مقوّس خلف دفاع مدريد، لكنّ تمركز فالفيردي المثالي سمح له باستعادة الكرة.

في اللقطة التالية، ركّز فالفيردي على تتبُّع لينو، بينما كان اللاعب الفرنسي إدواردو كامافينغا وتشواميني منجذبَين إلى الجهة اليسرى، فيما كان رودريغو يتابع غالان.

عندما مرّر المهاجم الأرجنتيني جوليانو سيميوني الكرة إلى مواطنه لاعب الوسط رودريغو دي بول، اقترب فالفيردي أكثر من لينو، وهو ما أثبت أهميته عندما تقدّم دي بول بالكرة ومرّرها إلى ألفاريز الذي انطلق خلف الدفاع، إذ كان تمركز قائد ريال مدريد مثالياً لمواجهة العرضية.

كان فالفيردي دائماً في المكان والزمان المناسبَين لإنقاذ دفاع ريال مدريد – ولم يكن ذلك مجرّد صدفة.

في هذه الحالة، هاجم دي بول المساحة التي تركها الظهير الأيسر الفرنسي فيرلان ميندي، وتمكن لاعب الوسط بابلو باريوس من العثور عليه بين الخطوط. فتحرّك أسينسيو وروديغر نحو الكرة، ممّا ترك فالفيردي في موقف اثنَين ضدّ واحد أمام لينو وغريزمان.

زادت عُزلة فالفيردي عندما مرّر دي بول الكرة بكعبه إلى ألفاريز، فاضطرّ أسينسيو إلى تعديل تمركزه لمراقبة المهاجم، لكنّ فالفيردي كان بالفعل يتحرّك للاستعداد لمواجهة لينو وغريزمان.

بحلول الوقت الذي أعاد فيه ألفاريز الكرة إلى سيميوني، كان فالفيردي قد ضبط موقعه بالفعل لمتابعة انطلاق غريزمان نحو المساحة خلف قلبَي دفاع مدريد.

حاول سيميوني تمرير الكرة إلى غريزمان في المساحة، لكنّ المهاجم الفرنسي قام بحركة وهمية تاركاً الكرة للينو، الذي كان يركض خلفه، غير أنّ فالفيردي كان في المكان الصحيح لقطع التمريرة.

لم يكن تألّق فالفيردي في هذه المواقف مجرّد نتيجة لسرعته وقوّته البدنية، بل أيضاً بسبب تمركزه واتخاذه للقرارات الصحيحة – وهي ميزة تزداد أهمية عندما نعلم أنّه كان يشغل مركز الظهير الأيمن بدلاً من دوره المعتاد في خط الوسط.

صحيح أنّ ريال مدريد استقبل هدفاً من الجهة اليمنى عبر تسديدة ألفاريز المقوّسة في الدقيقة 32، لكن ذلك لم يكن خطأ فالفيردي. في تلك اللحظة، كان يتقدّم لمواجهة غالان، بينما كان كامافينغا يراقب تحرّك ألفاريز خلفه. لقد كان هدفاً رائعاً من المهاجم الأرجنتيني، ممّا يؤكّد مدى فعالية فالفيردي في إحباط هجمات أتلتيكو من تلك الجهة طوال المباراة.

 

لقد كان أداءً جعل المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي عاجزاً عن إيجاد كلمات جديدة لمدحه، وكان أكثر إثارة للإعجاب عندما نعلم أنّ فالفيردي كان مشكوكاً في مشاركته بالمباراة بسبب إصابة في أوتار الركبة.

 

بعد المباراة، أشار مدرب ريال مدريد إلى أنّه: «لم تعد لديّ كلمات لوصفه، لقد بذل مجهوداً هائلاً، كان رائعاً. في النهاية، كان مجرّد أداء مُرهِق».

 

الخطط التكتيكية تعتمد على التنفيذ بقدر ما تعتمد على التخطيط. كان لدى أتلتيكو الأفكار الهجومية الصحيحة، لكنّ فالفيردي أحبطها تماماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى