السيد نصرالله في معرض آثار الشهداء

تلمع عيون الحاضرين عندما تقع على صورة الشهيد السيد حسن نصر الله على واحدة من طاولات آثار الشهداء. يتحلّق شبان حول سجدة ومسبحة وخاتم و«كوفية» سوداء وبيضاء. تدمع العيون، ويتناوبون على التبرّك بتقبيل السجدة التي كان السيد الشهيد يضع جبينه عليها، و«يتحزّرون» متى كانت آخر مرة ظهر فيها معتمراً هذه «الكوفية»، وفي أي خطاب لبس هذا الخاتم.
«آثار السيد» عُرضت في معرض «قبس من سردية النصر» الذي ينظّمه مركز آثار الشهداء (ينتهي اليوم في خيمة عاشوراء في الطيونة)، إلى جانب أسلحة وعصبات وخوذ وأجهزة اتصال و«رينجرات» وبقايا بدلات عسكرية ممزوجة بالدماء، تعود لشهداء سقطوا دفاعاً عن الجنوب إبان الاحتلال وفي حرب 2006، وصولاً إلى الحرب الأخيرة.
بين المعروضات كوفية لبسها 40 شهيداً أثناء تسجيل وصاياهم، وكاميرا قديمة للشهيد سعيد فران استخدمها إبان الاحتلال الإسرائيلي لتصوير تحركات جنود العدو في النبطية عبر ثقب في حائط منزله، ورواية «ثلاثية غرناطة» (للكاتبة رضوى عاشور) التي وُجدت محروقة بين أغراض الشهيد علي سلمان في مكان استشهاده.
يوثّق المعرض 4638 عملية نفّذتها المقاومة في الحرب الأخيرة
إضافة إلى أغراض خاصة للشهداء من كتب القرآن وعلب التون ووصايا ورسائل تطلب «المسامحة من أصحاب المنزل على الاستفادة من أغراضه»، و«بذل كل غالٍ في سبيل إكمال درب السيد ونهجه».
أحد الشهداء كتب مذكّرات عن أيام المواجهة: «القصف لا يخيفني لكن أخاف أن لا أراكم مجدداً. أكتب هذه الكلمات والدموع داخل عيني. أواسي الشباب كوني مسؤول المجموعة ولا أحد يونسني. للمرة الأولى منذ سنوات أغيب عن نظركم 22 يوماً من التحدي والتعب لا نوم ولا طعام ولا شراب». وفي رسالة ثانية: «صرلنا 16 يوماً من دون ماء ولا اتصال من القيادة، لا نعلم من عاش ومن استشهد. أكلنا غارة وما إجا ولا إسعاف. رأيت الموت، وفقدت عناصر، اشتبكت مع العدو في مارون الراس ومثلث يارون عيترون. أجلس في الليل أنتظر موتي، لا أعلم متى. قصف عنيف بجانبي، شهداء كثر، أشلاء في كل مكان، أعيش أصعب أيام حياتي. أرجو ممن سيقرأ رسالتي أن يقول لعائلتي أن يرفعوا رؤوسهم. أخبروا بناتي أن أباكم كان شجاعاً مقداماً لا يخاف دولة بأكملها».
ويوثق المعرض عمليات معركتَي «الإسناد» و«أولي البأس» منذ 8 تشرين الأول 2023 وحتى وقف إطلاق النار في 27 تشرين الأول 2024 حيث «نفذت المقاومة الإسلامية 4638 عملية، وقصفت 25 قاعدة جوية ومنصة قبة حديدية و42 مسيّرة وطائرة و3296 موقعاً وثكنة و291 مركزاً قيادياً و540 مستوطنة ومدينة و36 مصنعاً عسكرياً ومعسكر تدريب». كما يوثّق، بالأرقام والصور، أهم المحطات والعمليات والقادة والشخصيات المؤثرة منذ تأسيس دولة لبنان الكبير وبدء المقاومة حتى «عملية الرضوان» في عام 2008.