اخبار محليةالرئيسيةخاص دايلي ليبانون

أين هو النصر .. وهل هزمت “إسرائيل”؟

يوسف الصايغ - مدير تحرير مواقع دايلي ليبانون

لعله السؤال الأكثر تداولا قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار وبعد أكثر من شهرين على العدوان الإسرائيلي على لبنان، أين هو النصر او بصيغة أخرى أين هو الإنتصار الذي تم تحقيقه، وهل المقاومة التي خسرت معظم قيادتها وفي مقدمها السيد نصرالله وباقي القادة انتصرت، وهل المقاومة التي تعرضت لعملية تفجير أجهزة البايجر واللاسلكي وتكبدت عدداً كبيرا من الشهداء والجرحى قادرة على الصمود، وهناك من سأل كيف تنتصر المقاومة وقوات العدو دخلت الى بلدات وأراض لبنانية وأقامت الحواجز واستهدفت الجيش اللبناني والتقطت الصور قرب الليطاني؟
تكثر التساؤلات وترسم الكثير من علامات الإستفهام بهدف الخروج بإجابة واضحة قادرة على حسم الجدل، ولكن ربما طرح بعض الأسئلة ردا على التساؤلات يوصلنا الى إجابة واضحة، وهذا الجواب طبعاً لمن يسأل بخلفية وطنية ومن باب الحرص على لبنان، أما من حسم موقفه سلفاً بأن لبنان منهزم لا محال وبأن “إسرائيل” ليست عدواً فهؤلاء سبقوا العدو في رهاناتهم وخيبتهم ستكون بحجم الإنجاز الكبير الذي تحقق في لبنان.
فهل نجحت إسرائيل بتحقيق أهدافها الميدانية في “سحق” المقاومة ومنعها من مواصلة عملياتها، وهل تم منع إطلاق الصواريخ والمسيرات من جنوب لبنان والتي استمرت في استهداف المستوطنات من المطلة الى كريات شمونة ونهاريا وصولا الى حيفا وعكا وتل أبيب، والتي تحولت الى كتلة من لهب حتى اللحظات الأخيرة قبيل الدخول في إتفاق وقف إطلاق النار؟
ماذا نسمي الإحتضان الوطني الكبير في الجبل وطرابلس وعكار وصيدا وبيروت والمتن وكسروان وجبيل الى آخر شبر من لبنان، لأهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية الذين يشكلون بيئة المقاومة، حيث كان إحتضان أهلنا وضيوفنا وخدمتهم هو الشعار الأوحد بعيداً عن أي حسابات سياسية ضيقة.
كيف يمكن ان نفهم موقف وليد جنبلاط الا في سياق الموقف الوطني الكبير الذي لعب دوراً أساسيا في تعزيز إحتضان أهل الجبل لأهل الجنوب والبقاع والضاحية، ما ساهم بطي صفحة أليمة، ولا شك أن التجربة الأخيرة ستكون كفيلة بمحو آثارها من النفوس والعقول، بإستثناء من يرفضون دفن أحقادهم والنهوض مع باقي ابناء الوطن.
وكيف نقرأ ونفهم إحتضان أهل صيدا وطرابلس وبيروت لأهل الجنوب ووقوف شباب من تيار المستقبل لتقديم الحلوى لأهل الجنوب العائدين الى بلداتهم.
كيف نفسر إحتضان أهل زغرتا وجبيل وكسروان لأهل الجنوب حيث كانت الكنائس وأجراسها تنبض بالمحبة والدفء قبل قلوب أهالي وأبناء تلك المناطق في إستقبال وإكرام ضيوفهم الاعزاء.
أليست الوحدة الوطنية جزء من مشهدية الصمود التي يقود الى الإنتصار أليست الفتنة السنية – الشيعية التي خُمدت تخدم كيان الاحتلال والقضاء عليها يقود الى الانتصار، فالوحدة الوطنية والتصدي للفتنة يقود الى هزيمة “إسرائيل” ويُفشل مخططها في ضرب المجتمعات من الداخل وفقا لمفهوم الحرب الناعمة الاميركية الى جانب أسلحتها الفتاكة والقاتلة والمدمرة للاوطان من العراق الى غزة ولبنان.

هل كانت تدرك “إسرائيل” أنه بإرتكابها بعض المجازر في الشوف وزغرتا والنويري ومناطق لبنانية أخرى عمدت الوحدة الوطنية بين اللبنانيين بالدم، ولتؤكد انها عدو لكل اللبنانيين في الجبل والشمال والعاصمة بيروت والبقاع وكل مناطق لبنان.
فوحدتنا الوطنية هي الإنتصار الكبير الذي قاد الى النصر الذي هزم “إسرائيل” رغم كل إجرامها ووحشيتها فهي إنتصرت على الحجر لكنها بقيت أعجز من أن تواجه البشر لا سيما أولئك الرابضين عند الثغور الأمامية حيث أذاقوا جيش الإحتلال طعم الهزيمة، وها هي الخيام وكفركلا وراميا والقوزح وباقي محاور الإشتباك شاهدة على حجم الهزيمة والذل الذي لحق بجيش يمتلك أكبر ترسانة عسكرية في الجو والبر والبحر وبغطاء عسكري أميركي غير محدود، ورغم كل ذلك عجزت تلك “القوة” عن تحقيق ولو هدف واحد بينما كانت الروح هي التي تقاتل وتنتصر في الميدان.
وفي سياق البحث عن إجابة لسؤال “أين هو النصر” يكفي فخرا ان أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية باتوا ليلتهم الأولى في منازلهم وعلى ركامها بعد 66 يوما، بينما مستوطنو الشمال الفلسطيني المحتل وبعد مرور اكثر من عام لا زالوا مشردين وغير قادرين على إستيعاب حجم الصدمة بأن كل وعود نتنياهو لهم تبخرت ولم يتحقق منها شيئاً سوى بقائهم نازحين في داخل كيانهم، بينما حجم الدمار والخسائر الاقتصادية فاق المليار دولار وبظل استمرار تعطيل مظاهر الحياة.
يكثر الحديث ولا شك ان الجراح نازفة وحجم الفقدان كبير لكن الوحدة الوطنية التي ترسخت بمختلف أشكالها البهية وألوانها الزاهية كانت كفيلة بالإعلان عن هزيمة مشروع “إسرائيل” داخل لبنان، أما عن هزيمة إسرائيل عسكرياً فالميدان كان كفيلاً بالإجابة حيث قتل وجرح العشرات من جنوده بينما دباباته وآلياته تحولت الى خردة بفعل سواعد أبناء الأرض، الذين لم يبخلوا حتى آخر قطرة دم، فالأوطان التي تتعمد بدماء أبنائها منتصرة لا محال مهما كثر المشككون وضعفاء النفوس الذي لا مكان لهم على صفحات الزمن المشرق والنصر المبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى