قبل أن يبادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في الأسبوع الماضي، إلى وضع المنطقة على حافة الحرب المفتوحة، من خلال إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، بالإضافة إلى إغتيال القيادي العسكري في “حزب الله” فؤاد شكر بغارة جوية في الضاحية الجنوبية، كان الرئيس الروسي فلادمير بوتين قد حذّر، خلال لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد، من إزدياد التوتر في المنطقة.
وعلى وقع التصعيد القائم، في الوقت الراهن، حيث الجميع يترقب الرد على ما أقدمت عليه تل أبيب، سواء من قبل إيران أو “حزب الله”، برز تصريح، في الأيام الماضية، لنائب رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي ديمتري ميدفيديف، يعتبر فيه أن الحرب الشاملة في الشرق الأوسط هي السبيل الوحيد لتحقيق سلام هشّ في المنطقة، موضحاً أن “العقدة في الشرق الأوسط باتت تضيق تدريجياً، ويؤسفني فقدان أرواح بريئة”، مشيراً إلى أنّهم “مجرد رهائن لدولة مثيرة للاشمئزاز: الولايات المتحدة”.
ما تقدم، قد يكون أساسياً لفهم إندفاعة رئيس الوزراء الإسرائيلي نحو الحرب، التي على ما يبدو، بحسب تصريح بوتين، كانت متوقعة، وهو ما لا يمكن أن يدلي به الرئيس الروسي من دون أن يكون لديه معطيات حاسمة، حيث تلفت مصادر متابعة، عبر “النشرة”، إلى أن نتانياهو كان يريد إستغلال الفترة الفاصلة عن موعد الإنتخابات الأميركية، للذهاب إلى خطوات تصعيدية تعيد خلط الأوراق.
بالنسبة إلى هذه المصادر، نتانياهو يعتبر أنه بات بعيداً عن أي ضغوطات من الممكن أن تفرض عليه من الإدارة الأميركية، التي أصبحت غير قادرة على القيام بأيّ إجراء عملي، حيث يقتصر دورها اليوم على محاولة إحتواء الموقف، عبر الطلب من الفريق الآخر الذهاب إلى ردّ محدود، مع التعهد بتأمين الحماية لتل أبيب، في حال تعرضها لأيّ هجوم، على أساس التحالف التاريخي الإستراتيجي بين الجانبين.
بالإضافة إلى ما تقدم، تشير المصادر نفسها إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعد زيارة الولايات المتحدة، أراد أن يطبق السياسة التي كشف عنها في خطابه أمام الكونغرس، أي المواجهة المفتوحة مع إيران، والتي يريد من الولايات المتحدة أن تشارك فيها، وهو ما يبرر ذهابه إلى إغتيال هنية داخل الأراضي الإيرانية، على إعتبار أن طهران لا يمكن أن تقبل بأن يمر الأمر دون ردّ من قبلها، بسبب التداعيات التي قد تترتب على ذلك.
في قراءة المصادر المتابعة، كل السلوك الإسرائيلي، في مرحلة ما بعد عودة نتانياهو من واشنطن، يؤكد أن الرجل يريد جر المنطقة إلى الحرب الشاملة، بالتزامن مع عرقلته أي فرصة للوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة، من الممكن أن يكون مقدمة نحو إعادة الهدوء إلى المنطقة، بسبب مصالحه الشخصية التي تتطلب الإستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة، على أمل النجاح في تجنب تعرضه لأي محاسبة عن الإخفاق الذي حصل يوم السابع من تشرين الأول الماضي.
وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن الإدارة الأميركية قد تكون فعلاً غاضبة من تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي، توضح أن الأخير يدرك جيداً أنها لا تستطيع أن تتخلى عنه مهما فعل، ولذلك هو لم يتردد في قرار التصعيد مهما كانت النتائج، بدليل أنها سارعت إلى تأكيد أنها ستساعد في الدفاع عن إسرائيل في حال تعرضها لأي هجوم، رغم أن الجميع يدرك أنها الجهة المعتدية.
في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن الجميع، في الوقت الراهن، ينتظر الرد الذي ستذهب إليه إيران، بالإضافة إلى ذلك الذي سيقوم به “حزب الله”، يبقى أن الأساس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، على ما يبدو، يريد الذهاب إلى الحرب مدمّرة، وهو ما قد يتطلب العناية الفائقة في التعامل مع مختلف التطورات من الفريق الآخر، على إعتبار أن نتانياهو ليس في وارد التراجع، بل على العكس من ذلك هو مستعد للمخاطرة بكل شي لضمان مصالحه، وتسأل: “هل تصدق رؤية ميدفيديف، حول حتيمة الحرب الشاملة من أجل الوصول إلى سلام هش”؟.