اخبار عربية ودولية

غزة بعين طبيب أميركي: الاحتلال قنص الأطفال عمداً

يوسف فارس - الأخبار

ليس الطبيب الأميركي مارك بيرلموتر، الأجنبي الوحيد الذي يدخل قطاع غزة خلال الحرب، إذ سبقته العشرات من الوفود الطبية العربية التي عملت بجدّ في عدد من مستشفيات شمال القطاع وجنوبه، وعاينت عن كثب ما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم، وما يستخدمه من سلاح بحق الأطفال والنساء والمدنيين. غير أن الواقع الذي لا مراء فيه، هو أن شهادات الأطباء الأميركيين والغربيين عموماً، تحظى بوقع وصدقية أكبر في وسائل الإعلام؛ ولعل ديانة بيرلموتر اليهودية، ساهمت في رواج شهاداته التي خرج من غزة محمّلاً بها، على رغم أن وقائع من مثل قنص الأطفال وقتلهم بالقذائف والقنابل الأميركية، بُثّت بالصوت والصورة عشرات المرّات على شاشات التلفاز.

ويعبّر بيرلموتر عن صدمته، لأنه لم يشاهد في حياته أطفالاً مقطّعين ومصابين كما رأى في قطاع غزة الذي يتعرّض لحرب إسرائيلية منذ 291 يوماً. ويؤكد، في تصريحات إلى شبكة «سي بي إس» الأميركية، أن الجيش الإسرائيلي قنص أطفالاً بصورة متعمّدة، قائلاً: «لدينا مستندات تثبت حالات الاستهداف الممنهج للأطفال وارتكاب جرائم حرب بحقهم». وفي السياق ذاته، يذكر «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، في تقارير نشرها في آذار الماضي، أنه وثّق إعدام جيش الاحتلال 13 طفلاً بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر في مجمع «الشفاء» الطبي. ووفقاً للمرصد، فإن فريقه الميداني تلقّى إفادات وشهادات وصفها بالمتطابقة بشأن جرائم إعدام وقتل بحق أطفال فلسطينيين تراوح أعمارهم بين 4 سنوات و16 سنة، بعضهم أثناء محاصرة الاحتلال لهم مع عوائلهم داخل منازلهم، إضافة إلى آخرين خلال محاولتهم النزوح في مسارات حدّدها لهم الجيش الإسرائيلي مسبقاً.

وجدير بالذكر، في هذا الصدد، أن نسبة الأطفال من مجمل ضحايا الحرب المستمرّة منذ نحو عشرة أشهر، وصلت إلى الثلث، حيث بلغ عددهم 14 ألفاً و 405 أطفال من أصل 40 ألفاً و156 شهيداً. وفي تصريحات تثبت صدقية تلك الإحصائيات، أكدت «لجنة حقوق الطفل» التابعة للأمم المتحدة أن الحرب في غزة أودت بحياة أطفال بوحشية غير مسبوقة، بينما أعلن المفوّض العام لوكالة «الأونروا» أن عدد الأطفال الذين قُتلوا جراء الحرب في غزة، فاق عدد من قُتلوا خلال السنوات الأربع الماضية في جميع أنحاء العالم.
لكن لماذا كل هذا الوقع لشهادات بيرلموتر؟

أحدثت تصريحات الطبيب الأميركي اليهودي وقعاً لافتاً، تجاوز أصداء الآلاف من الصور والمقاطع المسجّلة التي توثّق تلك المجازر. ولأجل ذلك الوقع الذي تناله تصريحات وصور العين واليد الغربيتين، يفرض جيش العدو منذ بداية الحرب، حصاراً إعلامياً على غزة، إذ يمنع منذ السابع من أكتوبر دخول أيّ من الصحافيين والناشطين الأجانب في مجال حقوق الإنسان لتغطية الحرب، بل أوعز إلى البعثات والمؤسسات الدولية التي كانت تعمل في القطاع، بضرورة المغادرة على الفور، وهو الأمر الذي استجابت له كل هذه المؤسسات، وأجلت موظفيها الذين كان من الممكن أن يكون بعضهم صوت الغرب الموثوق على الأرض.
في محصّلة الأمر، استطاع جيش العدو أن ينفّذ جرائمه كلها في الظلام، فيما لم تستطع أيّ من صور الإبادة، التي أسهمت على أي حال في تشكيل رأي عام مناصر للفلسطينيين، في التأثير على مسار هذه الحرب ومداها وعنفها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى