تقارير “إسرائيلية” تكشف مخاطر خوض حرب ضد لبنان
أكدت تقارير إسرائيلية أنّ نجاح حزب الله في إصابة أهداف داخل “إسرائيل”، عبر طائراته المسيّرة، وفي إسقاط طائرات مسيّرة إسرائيلية في الأجواء اللبنانية، أظهر أن التفوق الجوي الذي كان لـ”إسرائيل”، على مدى أعوام في المجال الجوي، بدأ يتأكّل مع تحقيق حزب الله نجاحات في المستويين الهجومي والدفاعي، الأمر الذي رفع مستوى القلق والخشية في “إسرائيل” من خطورة القدرات الجوية التي امتلكها حزب الله، في أي حرب موسعة محتملة ضدّه.
ووفقاً للتقارير، فإنّ نجاح الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، من خلال العمليات العسكرية الجريئة التي تنفذها المقاومة، في مسح الخط الأحمر الذي رسمه وزير الأمن في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، في تصريحاته المتكررة، تزامن مع تراجع نبرة التهديدات الإسرائيلية الداعية إلى توسيع الحرب ضدّ لبنان.
كثير من التردد.. “لا يجب الانجرار إلى حرب في الشمال”
ولاحظ معلق الشؤون العسكرية في القناة الـ”13″ الإسرائيلية، ألون بن دافيد، أن لدى المستوى السياسي في “إسرائيل” كثيراً من التردد، بسبب الخشية من دخول “حدث” في الشمال لا يُعرف كيف سينتهي. وأشار بن دافيد إلى أن “إسرائيل” تدرك أن الحرب ضد حزب الله ستنتهي حكماً بتسوية، كونها لا تمتلك القدرة على تدمير حزب الله، وإذا دخلت في حرب معه فستدفع أثماناً.
وفي قراءة مشابهة، رأى معلق الشؤون السياسية في قناة “كان” الإسرائيلية، سليمان مسودة، أن الحماسة لدى المستوى السياسي في “إسرائيل” لتوسيع الحرب ضد حزب الله منخفضة، وهم يقولون بصراحة إنه “لا يجب الانجرار إلى حرب في الشمال”.
وتعزيزاً لهذه القراءة، قال رئيس المجلس المحلي في الجليل الأعلى، غيورا زلتس، في مقابلة مع قناة “كان”، إن “الحرب بين بيروت وتل أبيب لن تحدث، لأن لا أحد يريدها”، وأضاف أنه “في نهاية الأمر، سيصل الطرفان إلى اتفاق، وهذا الاتفاق سيكون نفسه، مع عمل عسكري، أو من دونه”.
وحذّر محلّل الشؤون الاقتصاديّة في قناة “كان”، شاؤول أمستردامسكي، من أن إطلاق حزب الله أسلحته الدقيقة والثقيلة على منشآت استراتيجيّة إسرائيلية سيؤدي إلى دخول الاقتصاد الإسرائيلي في حالة من الجمود، كما أن الاستثمارات الأجنبيّة ستهرب من “إسرائيل”، وسترتفع الضرائب والأسعار وسعر صرف الدولار، وستتغير طبيعة العيش في “إسرائيل”.
أعداء “إسرائيل” توقفوا عن الخوف منها
وفي هذا السياق، لفت رئيس لجنة الخارجية والأمن سابقاً، تسافي هاوزر، إلى أنّ المشكلة تكمن في أنّ أعداء “إسرائيل” توقفوا عن الخوف منها ومن الولايات المتحدة الأميركية، ولم يعودوا يخشون القدرات التكتيكية الإسرائيلية، والتي ظهرت، بصورة مخجلة جداً، في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأشار هاوزر إلى أن “إسرائيل” في عجز استراتيجي، وليس لديها أي رد على الحدث في الشمال، بحيث يوجد حالياً نحو 100 ألف لاجئ إسرائيلي، وهذا وضع غير مسبوق أبداً منذ عام 1948.
وحذّر الرئيس السابق لهيئة الأمن القومي، غيورا أيلند، من جانبه، من أنّ “إسرائيل” ليست لديها القدرة على الانتصار على حزب الله، لافتاً إلى أنها إن قررت مواجهته، “فستكون النتيجة حرباً تمتدّ عاماً، تُدمَّر خلالها إسرائيل تماماً”.
ورأى أيلند أن حزب الله كان في الماضي “مجرد منظمة مسلحة مع عدة مئات من العناصر وأسلحة كلاشينكوف وقواذف R.P.G”، إلا أنه “تحول إلى وحش من حيث الحجم والسلاح”، ولاسيما لجهة “إغلاق الفجوة مع إسرائيل، وخصوصاً في مجال السلاح الدقيق والقدرة غير المتناهية على تجنيد الأشخاص”.
وأضاف أيلند أن حزب الله يمتلك ترسانة سلاح تفوق ما تملكه 90% من دول العالم
خطر سلاح المُسيّرات.. لا حلول سحرية
وسلّط عدد كبير من المعلقين الإسرائيليين الضوء على أحد جوانب قدرات حزب الله العسكرية، والمتعلقة بسلاح المسيّرات، والدفاع الجوي. ورأى معلق الشؤون العربية في قناة “كان”، روعي كايس، أنّ التحدي الجوي لحزب الله في منحىً متعاظم.
وفي هذا السياق، أعدّت القناة الـ”14” الإسرائيلية تقريراً عن قدرات حزب الله الجوية، أشارت فيه إلى أنهم في “الجيش” الإسرائيلي يقدّرون أن قدرات حزب الله تسمح له بضرب تشكيل الدفاع الجوي التابع لسلاح الجو.
ونقل التقرير عن جهات في “الجيش” الإسرائيلي، قولها إنه لا توجد لدى الجيش “استجابة جيدة” حالياً لتحدي المُسيّرات الذي فرضه حزب الله على “إسرائيل”، إذ يستغل حزب الله ظروف الميدان لتمويه المسيّرات حتى تصل إلى مقربة من أهدافها.
بدورها، نقلت قناة “كان”، عن مصادر في “الجيش” الإسرائيلي، قولها إنه لا توجد “حلول محكمة” لمعضلة المُسيرات، متعللةً بأنه “لا يوجد سلاح جو في العالم يستطيع إعطاء حل محكم لهذا التهديد”.
ونقل مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوآف زيتون، عن جهات في “الجيش” الإسرائيلي، قولها إنه “حتى في جيوش أكبر من الجيش الإسرائيلي، كالجيشين الأميركي والأوكراني، لا يوجد حل كافٍ لتهديد المسيّرات، فقواعدهما أيضاً تتضرّر من جراء هذا التهديد، ولا يوجد حلّ سحري لذلك”.
وفي هذا السياق، لفت زيتون إلى أن قادة “الجيش” الإسرائيلي يدركون أن فتح معركة مع حرب الله سيؤدي إلى تدمير أماكن وإصابة مواقع استراتيجية في “إسرائيل”، بأرجحية عالية جداً، وأنهم يعون أنّ مواجهة عسكرية واسعة مع حزب الله ستجعله يحاول إلحاق ضرر بمواقع الدفاع الجوي الإسرائيلي، كبوّابة تفتح له الطريق لتنفيذ هجمات في “إسرائيل”.
ولفت مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف”، آفي أشكينازي، إلى أن قادة “الجيش” يتحضّرون لاحتمال أن يشنّ حزب الله، عند اندلاع حرب واسعة، “هجوماً مركّزاً” في اتجاه “إسرائيل”، عبر مئات الصواريخ الدقيقة والمسيّرات في اتجاه بطاريات الدفاع الجوّي في كل أرجاء “إسرائيل” في محاولة لشلّها، ولتغيير الواقع الأمني، بحيث تصبح “إسرائيل” مكشوفة أمام ضربات صواريخ حزب الله ومسيّراته.
وأشار أشكينازي إلى إدراك “الجيش” الإسرائيلي أنّ بعض عمليات إطلاق حزب الله لمسيّرات من لبنان، مُخصّص لدراسة قدراته الجوية على التسلّل واستهداف أهداف إسرائيلية، عند تكثيف القتال عند الحدود الشمالية. وإن قادة الجيش الإسرائيلي “يقرّون” بأن حزب الله يحاول إيجاد نقاط ضعف لمنظومات الاستشعار، وأنه يستغل معالم الأرض الجبلية عند الحدود، لتسلّل المسيّرات.
ولفت يوآف زيتون، إلى أنّ إظهار حزب الله لقدراته، والذي تضاعف في الأسابيع الأخيرة، لا يتجاوز نسبة صغيرة من الترسانة الجوية التي يمتلكها، فهو لم يستخدم، خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، صواريخه الدقيقة التي تُزعج جداً “الجيش” الإسرائيلي، ولم يطلق لغاية الآن أسراباً من عشرات المُسيّرات المتفجّرة، ولم يطلق صلية مركّزة تضم مئات الصواريخ في اتجاه نقطة واحدة، لـ”إتخام” القبّة الحديدية.
ورأى معلق الشؤون العسكرية في قناة “كان”، روعي شارون، أنّ حزب الله يتعلم، وأنه نجح في تطوير التكنولوجيا لديه من أجل التغلب على التشويش الذي تقوم به “إسرائيل” على نظام الـ “G.P.S”، بحيث أنّ مسيّراته تنجح في الوصول والمهاجمة.
سلاح الجو فشل في حماية “سكاي ديو”
وكشف محلل الشؤون العسكرية في موقع “والاه” الإخباري، أمير بوحبوط، إلى أنه على رغم استعدادات سلاح الجو لسيناريو يستهدف فيه حزب الله منطاد المراقبة “تال شمايم” (سكاي ديو)، وعلى الرغم من الجاهزية الكاملة لسلاح الجو، فإن “إسرائيل” فشلت في حماية المنطاد، الذي أصيب، الشهر الماضي، بهجوم من طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله.
ونقل بوحبوط، عن جهات في سلاح الجو الإسرائيلي، قولها إن “سلاح الجو الإسرائيلي فشل، ولم ينجح في اعتراض الطائرة المسيّرة التي أصابت المنطاد”.
ونقل بوحبوط أيضاً، عن جهات في سلاح الجو، وفي وزارة الأمن، أنه يتم العمل في “إسرائيل” على تقليص حجم اختراق الطائرات المسيّرة التابعة لحزب الله إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لأنه عدا عن الإضرار بالشعور بالأمن، نجح عناصر حزب الله في إظهار قدرة جمع استخبارية عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كما نجحوا في الاختراق بواسطة طائرات مسيّرة، بعضها ينقل صورة في الوقت الحقيقي.
وأورد معلقون إسرائيليون مثالاً آخر على نجاح حزب الله في المجال الجوي، من الناحية الدفاعية، أسوة بالناحية الهجومية، فرأى مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف”، آفي أشكينازي، أن حزب الله يحاول تثبيت معادلة جديدة في الشمال، لمنع سلاح الجو الإسرائيلي من التحليق في سماء لبنان، وهو زاد في الفترة في إطلاق صواريخ مضادة للطائرات على طائرات حربية تابعة لسلاح الجو، وعلى طائرات استطلاع إسرائيلية، بحيث تمكن من إسقاط طائرة من نوع هيرمز 900، بواسطة صاروخ أرض – جو.
وأضاف أشكينازي أنّ هذه الطائرة هي الخامسة التي يتمكن حزب الله من إسقاطها، منذ بداية المعركة. وبحسب تقارير إسرائيلية، استطاع حزب الله أن يُلحق الضرر أيضاً بطائرتين مسيّرتين إضافيتين.
وتبلغ تكلفة هذه الطائرة المسيّرة، التي أسقطت منذ أيام، نحو 10 ملايين دولار أميركي، وهي أكثر الطائرات المسيّرة تطوراً في سلاح الجو الإسرائيلي.
ورأى “المستشار الاستراتيجي في الإعلام”، مائير سويْسا، في مقابلة مع القناة الـ”14” الإسرائيلية، أنّ الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أراد، عبر إسقاطه الطائرة الإسرائيلية، إيصال رسالة إلى “إسرائيل”، مفادها أنه يريد ضرب تفوقها الجوي، وأنه يعرف كيف يُسقط طائرة “F16” أو “F15”. وأضاف سويْسا أن إسقاط حزب الله لطائرات مسيّرة يدل على وجود قدرات لديه في الكشف والتحديد.
وفي دراسة أعدّتها الباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي، ليرن عنتبي، أكدت أن التفوق الإسرائيلي على حزب الله في المجال الجوي يتأكّل، مع نجاح حزب الله في إسقاط الطائرات الإسرائيلية المسيّرة، الأمر الذي يكشف وجود قدرات دفاعية جوية لدى حزب الله تسمح له بإلحاق ضرر كبير بحرية النشاطات الجوية الإسرائيلية في لبنان.
وأشارت عنتبي في دراستها إلى أنّ الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة هذا التحدي لم تكن كافية، وأنّ هذا التهديد الجوي لم يكن مفهوماً منها بعمق، ولم يحظَ بردٍّ كافٍ في بناء قوة “الجيش” الإسرائيلي.