حاول المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته الى بيروت البحث عن شخصية قادرة على تقريب وجهات النظر حول مسألة التشاور او الحوار برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فقصد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي رده خائباً لأسباب تتعلق بدور رئيس المجلس، فقصد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الذي قرر التحرك من خلال اللقاء الديمقراطي، بسبب معطيات إقليمية ودولية جديدة.
أطلق رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط مساراً جديداً في العمل السياسي بما يتعلق بالملف الرئاسي، هدفه الأساسي بحسب مصادر سياسية متابعة حول إيجاد أرضية مشتركة تدفع باتجاه التشاور كحل وحيد لانتخاب الرئيس، وتُشير المصادر عبر “النشرة” الى أن اللقاء الديمقراطي يعلم صعوبة الوصول الى حلول في هذه المرحلة، فبعد فشل الخماسية في تحقيق نتائج إيجابية، وفشل مبادرة تكتل الاعتدال الوطني وفشل زيارة لودريان في تحقيق تقدم، لن يكون من السهل على اللقاء الديمقراطي تغيير الواقع الرئاسي الصعب والمرتبط تماماً بكل ما يجري في المنطقة.
يأتي حراك جنبلاط بناء على تمنٍّ خارجي، تقول المصادر، خصوصاً أن الرجل كان قد زار قطر في الفترة الأخيرة، لكن السؤال سيبقى حول ما إذا كان جنبلاط قادراً على تحقيق ما عجزت عنه كتلة “الإعتدال الوطني”، إنطلاقاً من موقعه الوسطي.
من حيث المبدأ، يميل جنبلاط إلى وجهة نظر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لناحية ضرورة الحوار الذي يقود إلى إنتخاب الرئيس المقبل، وليس لدى الرجل مشكلة في الأسماء المطروحة.
الواقع الذي على جنبلاط مقاربته يقول التالي: “قوى الثامن من آذار ليست في وارد الذهاب إلى إنتخاب أيّ شخصية، بإستثناء فرنجية، من دون حوار أو تشاور برئاسة بري، في حين أن قوى المعارضة، التي ترفض إسم فرنجية، ليست في وارد الذهاب إلى أي حوار أو تشاور مسبق برئاسة بري”، ما يجعل من هذه المهمة شبه مستحيلة، إلا إذا حصلت مفاجأة غير متوقعة بعمل جنبلاط.
ولكن، بعيداً عن محاولات جنبلاط إيجاد أرضية مشتركة بين القوى السياسية، أو البحث بعناوين صغيرة يمكن أن تؤدّي الى اختراق ما على صعيد الملف الرئاسي المعقد، هناك بحسب مصادر سياسية أخرى من يقول أنّ رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط تحرك بناء على معطيات خارجية توحي وكأنّ إسم سليمان فرنجية عاد ليتقدم على كل المرشحين المحتملين للرئاسة، وبأن التحرك الاشتراكي يأتي في هذا السياق كمحاولة لجس نبض الكتل المسيحية حول إمكانية سير احدها بخيار رئيس تيار المردة، فإذا سار أحد الأقطاب المسيحيين بإسم فرنجية سينتهي إحراج اللقاء الديمقراطي الذي أكد أنه لا يعارض رئيس تيار المردة ولكنه يشترط حصوله على دعم كتلة مسيحية كبرى قبل انتخابه.
كثيرة هي المعلومات التي تدور بفلك الحركة الجنبلاطية الجديدة، يبقى أقربها للمنطق استمرار الشغور الرئاسي الى حين وضوح الصورة في المنطقة، فرغم كل الحديث عن فصل الحرب في غزة عن الملفّ الرئاسي، يبقى الواقع هو الاصدق من كل الخطابات والتصريحات، والواقع يقول أن مسار الحلول يبدأ من وقف الحرب.