الشامي لـ “الديار”: لم يصدر قرار بتشكيل لجنة برئاستي لمتابعة ملف النازحين
كمال ذبيان - الديار
ما زالت حكومة تصريف الاعمال تتخبط في ملف النزوح السوري في لبنان، والذي بعد 13 عاماً على انفجار الاحداث في سوريا، استفاق المسؤولون واحزاب وقوى وتيارات سياسية، على ان الوجود السوري للنازحين يشكل خطراً وجودياً للكيان اللبناني في الديموغرافيا اولاً، حيث تشير التقارير الرسمية والاحصاءات الى وجود نحو اكثر من مليوني نازح، سيصحبون بعد نحو عشر سنوات يساوون عدد اللبنانيين، الذين يقدرن بنحو 4.5 مليون مواطن. وهذا الوضع بدأ يشكل عبئاً على لبنان من النواحي المالية والاقتصادية والتربوية والصحية والاجتماعية، اضافة الى استخدام البنى التحتية المتهالكة.
هذا النزوح، لم تكن وجهة النظر اللبنانية واحدة منذ بدء النزوح الى لبنان بعد الازمة السورية في اذار 2011، وكانت الاسباب امنية، فاحتضنتهم قوى ما يسمى 14 آذار، واعتبرتهم بانهم “ثوار” سيطيحون النظام السوري ويسقطون بشار الاسد، الا ان رغباتهم لم تتحقق كما يقول مصدر حزبي حليف لسوريا، التي تمكنت من اجتياز المحنة التي ادت الى تهجير نحو 8 ملايين سوري الى خارج سوريا، وحوالى 7 مليون داخلها، واستعاد الجيش السوري نحو 80% من المساحة السورية، وبقيت جيوب للجماعات الارهابية في ادلب وشمال وشرق سوريا بحماية تركيا واميركا.
من هنا، فان لبنان الذي استقبل السوريين لاسباب امنية، يمتلك ورقة قوة لعودتهم، وليس كما يطالب الاتحاد الاوروبي ودول اخرى بالعودة الطوعية، وهذا ما اختلف اللبنانيون على تفسيره مما تسبب بانقسام سياسي، اذ رفض قسم منهم، وهم من خصوم النظام السوري لا بل من دعاة ومشجعي اسقاطه، العودة الآمنة، بل اصروا على الطوعية لان منهم من هو معارض للنظام الذي سيقتلهم.
وعلى الخلاف اللبناني، استمر تدفق النازحين وانتبه المسؤولون الى خطورة وضعهم بعد سنوات، فاجتمعوا في مجلس النواب وتوافقوا، لا بل اجمعوا على توصية رفعت الى حكومة تصريف الاعمال للبدء بتنظيم عودتهم، وتصنيفهم الى فئات، لان لبنان بحاجة الى العمالة السورية، وفق ما يؤكد مصدر نيابي، الذي اشار الى ان الكرة باتت في ملعب الحكومة، التي عليها ان تترجم التوصية الى اجراءات والبدء بتنفيذ ما يمكن، وعدم الخضوع للضغوط الخارجية لا سيما الاوروبية، التي لم توافق دول في الاتحاد الاوروبي على عودتهم، لا سيما في المانيا وفرنسا، اللتين تخشيان من توجههم نحوهما، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في سوريا، وهو ما رفع من النزوح الاقتصادي باتجاه لبنان، الذي يعاني من حالة اقتصادية مهترئة، وانخفاض سعر الليرة، والقدرة الشرائية لدى اللبنانيين الذين جرى تحريضهم عنصرياً وحتى طائفياً ضد السوريين، مما خلق اجواء توتر. لذا المعالجة تتم باحتواء النزوح ومعالجته بالقانون اولاً، ثم بالعقلانية وليس بالشعبوية، ولا بالخضوع الى ما يطلبه الخارج الاوروبي الذي يقدم مساعدات هي اشبه برشوة.
وتحاول الحكومة معالجة هذا الملف الصعب والمعقد، والذي يخشى ان يتحول الى قنبلة موقوتة قد تنفجر لاسباب عديدة، كما حصل مع الوجود الفلسطيني المسلح، ثم مع القوات السورية. وفي الحالتين، قبل لبنان النزوح الفلسطيني المؤقت الذي اصبح دائماً، وتحول من مدني الى عسكري، بعد ان فشلت الجيوش العربية في اعادة الفلسطينيين الى بلدهم، حتى الامم المتحدة لم تنفذ القرار 194، الذي يطالب بحق العودة لهم، وكذلك جرى مع القوات السورية، التي شرعنت لها القمة العربية في العام 1976 ثم الحكومات اللبنانية المتعاقبة، التي اقرت بان الوجود العسكري السوري ضروري وشرعي ومؤقت.
وحمل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ملف النزوح السوري الى مؤتمر بروكسيل، وفي جعبته الاجماع اللبناني حول استعجال عودة النازحين السوريين وتمويل وجودهم في بلدهم، لا ان يتحمل لبنان العبء بسبب الازمة في سوريا، كانت امنية واصبحت اقتصادية، وتستخدم ورقة النازحين بيد دول ضد النظام للقبول او الرضوخ لحل سياسي، ويحاكي مطالب المعارضة التي تفسخت وتشتت، وان استخدام من بقي منها هو الاهداف تتعلق بمصالح دول لها مطالب من النظام السوري.
وقد بات ملف النزوح السوري، احد البنود الرئيسية على جدول اعمال الحكومة، عندما يدعوها رئيسها نجيب ميقاتي للاجتماع، وكان في آخر جلساتها هذا الاسبوع وما اعلنه وزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي ، عن تشكيل لجنة لملف النزوح السوري برئاسة نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، وان اعضاءها سيعينون في جلسة مقبلة. فسألت “الديار” الرئيس الشامي حول القرار الذي سماه، فقال انه لم يتم البحث بشكل جدي في الجلسة الاخيرة، ولم يصدر قرار عنها، وهو لم يعلن قبوله برئاسة اللجنة التي قد تكون ضرورية، وان هذا الملف هو في عهدة الامن العام منذ سنوات، ونظم حملات لعودة النازحين كان آخرها الاسبوع الماضي.
وهذا الموضوع، يجب ان يقارب بموضوعية وعقلانية ودون تحريض، وعدم استخدام لغة عنصرية، يقول الشامي، الذي يؤكد ان معالجة هذا الملف ضرورية جداً، لانه بات يشكل عبئاً اقتصادياً ومالياً على لبنان، اضافة الى الشق الامني، حيث تكثر الحوادث التي ما زالت في غالبيتها فردية، كما ان الجانب الديموغرافي مهم ايضا في مقاربة الملف لبلد مساحته صغيرة جداً، قياساً على دول اخرى، وهو الاكثر كثافة بالنازحين.