أسئلة تسبق لودريان.. ودعوة محتملة للحوار
كتبت صحيفة الجمهورية تقول: الوضع في لبنان على مفترق تحرّكين: في الأول، يلوح في أفق المنطقة وميض أمل في إمكان بلوغ هدنة مؤقتة في قطاع غزة لستة اسابيع مبدئياً، تؤكد كل المؤشرات أنها ستنسحب تلقائياً على جبهة لبنان. امّا في التحرّك الثاني فيتبدى في الافق اللبناني المسدود مسعى فرنسياً متجدداً عبر إيفاد الوسيط الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت الاسبوع المقبل لإحداث خرق في الملف الرئاسي.
أسئلة تسبق لودريان
في الوقت الذي بدأ فيه لودريان بطلب مواعيد من الشخصيات التي سيلتقي بها في لبنان، غرقت الاجواء اللبنانية ببحر من الاسئلة حول الجولة الجدية التي قرر القيام بها في بيروت، وما الغاية المتوخّاة منها؟
واذا كان مسؤولون لبنانيون كبار قد اكدوا انهم لم يكونوا على اطلاع أكيد بزيارة الوسيط الفرنسي، أبلغ مسؤول كبير الى «الجمهورية» قوله اننا لا نعرف ماذا يحمل في جعبته، واكثر ما نعرفه عن هذه الزيارة هو انّ لودريان طلب مواعيد للقاءاته بين يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين، وتم تحديدها.
ولا جواب للمسؤول عينه عن سبب الزيارة في هذا التوقيت، إلا أنه اعتبرها مثيرة للاهتمام، خصوصا انها تأتي في ظل حراك اللجنة الخماسية، وبيانها الاخير الذي اكدت فيه على الحوار.
زيارة رافدة للخماسية
ووفق معلومات لـ«الجمهورية» من مصادر مطلعة على الاجواء الفرنسية، فإنّ زيارة لودريان الى بيروت مقررة منذ فترة طويلة، وكانت باريس تنتظر التوقيت الملائم لإتمامها، فضلاً عن أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لَمّح اليها في لقاءاته مع بعض الشخصيات اللبنانية في الآونة الأخيرة. والغاية منها الدفع في اتجاه التعجيل في حسم الملف الرئاسي إن أمكن قبل الصيف المقبل.
ونسبت المصادر الى الفرنسيين تأكيدهم انّ زيارة لودريان لا تندرج في سياق منافسة اللجنة الخماسية في مهمتها المساعدة على توافق اللبنانيين، بل هي زيارة ليست متناغمة مع مهمة اللجنة الخماسية فحسب، بل هي مكملة لها، ورافدة لتوجّه اللجنة الذي عبّرت عنه في بيانها الاخير، حول ضرورة توافق الأطراف في لبنان على رئيس للجمهورية، عبر مشاورات عاجلة فيما بينهم، ضمن فترة زمنية محدودة.
الدعوة للحوار محتملة
الى ذلك، استوضحت «الجمهورية» مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية حول ما تردّد عن احتمال أن ترعى فرنسا حوارا رئاسيا لبنانيا في باريس، فاكتفت بالقول ان هذه الفكرة محتملة من حيث المبدأ، ولكنها ليست جاهزة. حيث ان إنضاج الدعوة الى الحوار سواء في باريس او في بيروت إن أمكَن ذلك، مرتبط بمسار المحادثات التي ستجري، وتبعاً لمواقف الاطراف من قبول فكرة الحوار او عدمه تتقرر الخطوة التالية.
ورداً على سؤال قالت المصادر: الرئيس ماكرون يقارب الملف الرئاسي في لبنان كأولوية لديه، ويعمل في اتجاه الدفع به الى الامام، انطلاقاً من قناعة قوية لديه بأنّ الظرف مؤات لإحداث خرق رئاسي في لبنان، يؤدي الى انتخاب رئيس، يضع لبنان على سكة الحلول والاصلاحات المنتظرة منه، ويكون له دوره وحضوره الاساس في مفاوضات الحل السياسي التي تعني لبنان بالنسبة الى ما يتعلق بمنطقة حدوده الجنوبية.
والمعلوم في هذا السياق، انّ مبدأ عقد حوار رئاسي لا يحظى بإجماع لبناني عليه، حيث يتبدّى حياله الرفض الصريح له من قبل البطريركية المارونية، وكذاك من جهات سياسية وازنة في الشرع المسيحي مثل حزب «القوات اللبنانية» وكذلك التيار الوطني الحر الذي يرهن مشاركته في حوار رئاسي بإبعاد مرشحين معيّنين خارج النقاش على مائدة البحث. واذا كانت غاية باريس عقد حوار رئاسي ورعايته سواء في فرنسا او في قصر الصنوبر، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل أن الاطراف التي رفضت الحوار الرئاسي من حيث المبدأ، وأكدت انّ جُل ما تريده هو حوار ونقاش بين الكتل النيابية خلال جلسة انتخاب رئاسية، يمكن لها أن تشارك في مثل هذا الحوار الذي يقال ان الفرنسيين يحضّرون له؟ ثم إن قرر هؤلاء المشاركة في الحوار الفرنسي، فبماذا يبررون الخروج على موقفهم الرافض مبدئياً لفكرة الحوار، وتعطيلهم لمبادرات الحوارات التي توالت على مدى أشهر التعطيل الرئاسي الـ18؟
الخيار الثالث!
الى ذلك، ضمن هذه الأجواء، كشفت مصادر واسعة الاطلاع عن إشارات مرتبطة بزيارة لودريان توحي انّ زيارة الوسيط الفرنسي ليست للاستطلاع، بل الغاية الاساس الارتكاز على ما قررته اللجنة الخماسية في بيان سفرائها حول اولوية الحوار، ومحاولة الدفع في الاتجاه الذي سبق للودريان ان دفع اليه في زيارته الاخيرة قبل اشهر، اي العودة الى ما سُمّي «الخيار الرئاسي الثالث». علماً ان لودريان نفسه سبق له ان اكّد صراحة في جولاته السابقة على هذا الخيار، على اعتبار أن جلسة الانتخاب الرئاسية التي عقدت في حزيران الماضي، والتي انتهت الى نيل جهاد أزعور 59 صوتا وسليمان فرنجية 51 صوتا، أكدت ان لا حظوظ لديهما وانّ أيّاً منهما لم يحقق الاكثرية المطلوبة، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يصار الى التوافق على خيار ثالث.