“دولة الجليل”.. ترجمة عملية لنظرية “بيت العنكبوت”؟
يوسف الصايغ - دايلي ليبانون
“مآساة حقيقية لأول مرة في تاريخ إسرائيل” بهذه العبارة يلخص الإعلام العبري حقيقة ما يعيشه كيان الإحتلال منذ عملية السابع من أكتوبر من العام الفائت، ويكفي ان نستمع الى ما يخرج عبر الإعلام العبري الذي ينطق بلسان حال المستوطنين حتى نكوّن صورة عما يجري داخل الكيان المحتل لا سيما عند مستوطنات الشمال والتي تمّ إخلاؤها بالكامل منذ سبعة أشهر مع إنطلاق عملية طوفان الأقصى وما تبعها من تطورات على جبهة إسناد غزة من جنوب لبنان، وفي هذا السياق يقول الإعلام الإسرائيلي أنّه “لأوّل مرّة في تاريخ إسرائيل، تتخلى حكومة يمين كاملة عن منطقتين (حزام أمني داخلي في الشمال وحزام أمني داخلي في الجنوب).
هذا التطور الدراماتيكي دفع بمراسلة الشؤون السياسية في القناة “12” الإسرائيلية، دفنا لئيل، لتطالب حكومة نتنياهو بـ”تغيير سلم أولوياتها والالتفات إلى الشمال، لأنّها إذا لم تعالج الجبهة الشمالية فإنّ الأوضاع ستسير بسرعة إلى الوراء، وهذا أمر سيئ بالنسبة لـ “إسرائيل”، بينما عبّر ضابط احتياط عن خيبة الأمل الكبيرة من أداء “جيش الاحتلال في مواجهة حزب الله على الجبهة الشمالية، بالقول”إن “حزب الله يحفر في الوعي الإسرائيلي دماراً، بينما نجلس هنا ونتحدّث”.
أما رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي فكان أكثر صراحة في مخاطبة عائلات قتلى وأسرى “جيش” الاحتلال حيث أعلن وبالفم الملآن “أنا الذي أرسل أبناءكم وبناتكم إلى معركة لم يعودوا منها أبداً وإلى المواقع التي اختطفوا منها”.
ما سبق ذكره بات يشكل حافزاً بل يحمل في طياته بذرة إنقسام حقيقي في كيان الإحتلال وصل حد إعلان رؤساء مستوطنات الشمال، عن قرارهم بـ”إعلان قيام ما سمَّوه “دولة الجليل” والانفصال عن إسرائيل، في “يوم الاستقلال” المزعوم – المقصود به ذكرى النكبة الفلسطينية الموافق في 15 أيار- حيث أعرب رؤساء سلطات المستوطنات عن غضبهم من تجاهل حكومة نتنياهو، مع ما يجري لهم جراء التصعيد المتواصل مع حزب الله، مؤكدين نزوح 80 ألف مستوطن منذ 7 أشهر، دون أمل في العودة إلى المستوطنات، وأكد المسؤولون أن أعضاء “منتدى خط المواجهة” قرروا إقامة “دولة الجليل” وتنفيذ انفصال أحادي، وقالوا إن الخطوة ستكون مصحوبة بإجراءات إضافية سيجري إعلانها.
بالمحصلة يمكن القول أن نظرية بيت العنكبوت التي أعلنها السيد حسن نصرالله يوم تحرير القسم الأكبر من جنوب لبنان في 25 أيار من العام 2000 أي قبل عشرين عاماً من اليوم والتي بدأت تظهر اليوم بشكل أكثر وضوحاً، فهذا الكيان المصطنع القائم على إحتلال أرض فلسطين التاريخية بدأ يتجه فعلياً نحو الإنقسام والإنفصال بظل ما يعانيه من أزمات بنيوية، ولعل المظاهرات التي سبقت عملية 7 أكتوبر كانت مثالاً حقيقياً على عمق الأزمة التي يعيشها كيان العدو، ومؤخراً جاءت أزمة الحريديم لتكشف عن حجم الصراع الديني والطبقي داخل هذا الكيان الذي دخل عملياً في دهاليز أزمة كبرى تتضح معالمها بشكل أكبر يوما بعد يوم، فهل تبصر “دولة الجليل ” النور كترجمة عملية لنظرية “بيت العنكبوت”؟