ليس مستغرباً أنه عند كل محاولة من أجل خلق فتنة مذهبية او صراع أهلي او تأجيج للخطاب العنصري ضد أي مكوّن في لبنان، أن يتم اللجوء الى إستهداف الحزب السوري القومي الإجتماعي، وهذا ما يفسر محاولة بعض المارقين إستهداف أحد مراكز الحزب القومي في جديتا – قضاء زحلة واليوم احراق سيارة اسعاف تابعة للحزب في بيصور – قضاء عاليه، ورداً على سؤال مفترض حول الأسباب الكامنة وراء هذا الإستهدافات، فالإجابة ببساطة “لأن عقيدة وفكر الحزب القومي المرتكزة على المبادىء والعقيدة التي أرساها الزعيم سعاده تشكل النقيض التام لكل المشاريع التقسيمية والمذهبية والطائفية والعنصرية، التي تحاول فئات في الداخل اللبناني العمل على تكريسها وتحويلها الى مشاريع “قابلة للحياة”، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يصبح إستهداف الحزب القومي بما يمثله من جسد صلب عابر لمنطق التقسيم ولفكرة كانتونات المذاهب والطوائف، أمراً لا بد منه كخطوة على درب تعميم منطق الكونتونات والفدراليات، والى ما هنالك من مفاهيم التقسيم والتطييف والعنصرية المقيتة.
لكن ما لم يدركه خصوم الحزب القومي بما يجسده من فكر وحدوي وعقيدة جامعة للمذاهب والأديان والطوائف وداعية الى وحدة الجغرافيا، بأنه عصي على الإستهداف والإنزلاق الى المخططات والمشاريع الفتنوية، التي يريد البعض ممن يتقنون لعبة الإستثمار بالدم تحقيقها من أجل تأجيج نار الفتنة، ولعل تجربة الحرب اللبنانية كانت كفيلة بأن تثبت للقاصي والداني دور وفاعلية الحزب القومي الذي لم يتقوقع في منطقة هنا او زاروب هناك، ولم يحمل مشروعا مذهبيا لهذه الطائفة او تلك الملّة في محافظة هنا او قضاء هناك، بل كان بمثابة العامود الفقري من شمال لبنان الى جنوبه ومن جبله الى ساحله ومن بقاعه الى العاصمة بيروت، وتجسّد هذا الدور إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 82، حيث كانت جبهة المقاومة الوطنية تضم كافة أطياف النسيج اللبناني، وبعد حقبة الحرب اللبنانية حافظ الحزب القومي على وجوده ودوره، ودفع ثمن دوره الوحدوي عبر محاولة إقصائه سياسياً لصالح القوى المذهبية والطائفية، لكنه بقي جسداً صلباً غير قابل للتجزئة وعصي على التطييف.
ولأن الحزب القومي إعتاد على تقديم ضريبة الدم كان الحزب حاضرا ليقدم الشهداء في الداخل بمواجهة الفكر المتطرف فكانت دماء شهداء مجزرة حلبا وقبل سنوات كانت دماء الشهيد سليمان الراعي حاضرة في ضهور الشوير مواجهة قوى الإنعزال، كذلك كانت دماء القوميين الاجتماعيين تسيل في كفتون – قضاء الكورة قبل سنوات قليلة من اجل درء الخطر الإرهابي، وبالأمس كانت دماء الشهيد القومي الاجتماعي المهندس وسام سليم تعمّد أرض جنوب لبنان الى جانب دماء شهداء المقاومة الإسلامية التي ترسم مشهدية النصر على طريق القدس وكل فلسطين بمواجهة العدو الصهيوني، فهذا الحزب يدرك جيدا متى وأين تبذل الدماء التي يعتبرها وديعة الأمة متى طلبتها وجدتها، وبالتالي لا توجد في عقيدته غريزة الدم من اجل الدم، على غرار من ارتكبوا المجازر والمذابح من عينطورة الى صبرا وشاتيلا وحاجز البربارة، وباقي المناطق التي كانت كانت شاهدة على إجرام الإنعزاليين.
بإختصار هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي بما يمثل من فكر وحدوي وعقيدة جامعة، لن تنال منها أيادي أصحاب مشاريع التقسيم والتفتيت المذهبي والطائفي في لبنان، وفي الزمن الصعب يصبح دور الحزب أكثر فعالية ويصبح محور الحدث وفي دائرة الاستهداف، لأنه يشكل السد المنيع والصخرة التي تتحطم عندها مخططات الفدرلة والكانتونات الهجينة التي يريدها البعض مرتعاً لهم لتجسيد أفكارهم العنصرية المريضة، لكنها ستبقى مجرد سراب وأوهام في مخيلة أصحابها، لأن الفكر الوحدوي ووحدة المجتمع التي يمثل الحزب القومي ركناً أساسيا من أركانها هي المنتصرة لا محال، مهما تعاظمت المؤامرات الداخلية والخارجية فوحدة الحياة هي المنطق الأساس في بناء لبنان الدولة، وليس مزارع المذاهب وكانتونات الطوائف.