يكفي أن ينهض أبناء منطقة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة من تحت الركام ليقوموا بزراعة أرضهم وأسطح منازلهم المدمرة بفعل العدوان فهذا دليل كي نفقه معنى يوم الأرض، فهذا اليوم الذي يتم الإحتفاء به كل عام في الثلاثين من شهر آذار حيث ولادة الربيع والحياة والإنسان هو محطة للتأكيد على الترابط الفطري بين الأرض وأهلها في فلسطين، ولعل صورة تلك المرأة الفلسطينية التي تمسك بجذع شجرة زيتون رفضاً لإقتلاعها من قبل أعداء الأرض والسماء والحياة الذين يطبقون على فلسطين إحتلالا ودمارا وقتلا لأهلها وأرضها وزرعها، نموذج حي على أن أهل الأرض يحيون من ترابها وزيتونها وليمونها وكل ما فيها من خيرات تنتجها تلك الأرض الطيبة.
في هذا العام تحل الذكرى الثامنة والأربعون ليوم الأرض على وقع طوفان الأقصى حيث أثبت أهل الأرض في السابع من أكتوبر من العام 2023 أنهم أكثر تمسكاً بأرضهم وترابهم أكثر من أي وقت مضى، وان الأجيال التي لم تكن قد ولدت يوم في زمن النكبة والتهجير هم أكثر تمسكاً بفلسطين وأرضها ممن سبقوهم، فحطم المقاومون الفلسطينيون كل الأسوار وجدران العزل والفصل العنصري، وتخطوا كل إجراءات كيان العدو فدخلوا الأرض المحتلة ولامست أقدامهم وسواعدهم وقلوبهم ودماءهم تراب فلسطين المحتل، الذي دنسه كيان الإحتلال بقطعان المستوطنين من شذاذ الآفاق الذين وجدوا أنفسهم آذلاء أمام أصحاب الأرض، فسارع بعضهم هرباً من أرض إغتصبها لتسقط نظرية “أرض الميعاد” المزعومة أمام بأس مقاوم يأبى التنازل عن شبر من فلسطين من بحرها الى نهرها.
إذا وفي زمن الطوفان يأتي يوم الأرض ليدحض كل مخططات التطبيع ومشاريع صفقة القرن والتهويد والتقسيم وكي ينسف كل نظريات السلام المزعوم مع أعداء الإنسانية، ويسحق كل إتفاقيات الخضوع والخنوع مع عدو سرعان ما سقط وتحطمت إسطورته المزعومة أمام إرادة أبناء غزة والضفة وكل فلسطين، فهم أصحاب حق لا يموت مهما طال أمد العدوان والإحتلال ومهما عظمت التضحيات على درب الحرية وتحرير الأرض التي لا ترتوي الا بدماء أبناءها، ومن فلسطين الى جنوب لبنان والجولان وفي زمن طوفان الأحرار تصبح كل الايام يوماً للأرض، فالتحية الى كل مقاوم حمل سلاحا ام امتشق قلما أو غرس نبتة في الأرض كي تبقى حية وتعود لأهلها حرة عزيزة في يوم ليس بعيداً.