الرئيسيةمجتمع ومنوعات

” الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها “

لا بُد من التنويه إلى أنّ ما سوف أتناوله هنا هو تسليط الضوء على الأهتمام والعناية والرعاية بالنسيج الاجتماعي بمحافظة السويداء ، وكيفية مواجهة تفكك هذا النسيج ، وتشتت وتفرق هذا العقد الفريد ، وكيفية التعامل مع هذا التحدي أفراداً أو مجتمعاً ، والتصدي لشذاذ الآفاق العملاء المأجورين ، الذين ينفذون أجندات خارجية أصبحت مكشوفة للغادي والبادي ، والحلول الضرورية للحفاظ على اللحمة الاجتماعية والهوية الوطنية …

المجتمعَ السوري عامةً وفي محافظة السويداء خاصةً نسيج إجتماعي عربي وطني أصيل ، تسُودَه المحبةُ والوئام بين جميع شرائحه ومكوناته ؛ حيث طغى عليه التآلف والتكاتف والتعاون بين أوساط مجتمعه نتيجة حفاظه على قيمه ومبادئه على مر الأزمنة ، فضلاً عن تعزيز وتمكين الأصالة الوطنية وروح التعاون والتواصل بين جميع أفراد ومؤسسات المجتمع الواحد ، مما جعل نسيجه الإجتماعي صالحاً وسليماً ومتماسكاً طيلة تلك القرون والعقود الماضية ويضرب به الأمثال …
بينما أنَّ النسيج الإجتماعي في هذه المرحلة الزمنية العصيبة وفي ظل الحرب الإرهابية على وطننا الغالي سورية ، وارتزاق عدد من أصحاب النفوس الضعيفة لمشاريع المخابرات المعادية التي تشغلهم من خلف الحدود ، واجه على مدى إثنى عشر عاماً أكبر تحدٍ له ، تحدٍ شكّل تهديداً لاستمرار تماسكه وقوته وتعاضده ووحدة أراضيه …
كان للآباء والأجداد والسلف الصالح دور مهم وبارز في الحفاظ على هذا النسيج الإجتماعي للمجتمع السوري الأصيل ، وعلى توريثه للأجيال جيلاً بعد جيل …
وقوة إقتصاد وسيادة أي دولة في العالم ، وتقدمها وتطورها غالباً ما يعتمد على مؤشرات عالمية في مدى قوتها أو ضعفها ، لكن بعض علماء الاجتماع السياسي يميلون إلى إعطاء الأولوية لقوة تماسك النسيج الإجتماعي للمجتمع وقوة ترابطه وتكاتفه ، حيث تأتي المجتمعات الهشة المتفرقة والممزقة والذي يكون نسيجها الإجتماعي والثقافي والفكري يعاني من تفكك وتمزق في أضعف تصنيف …
وتوجد دائماً محاولات وجهود من قبل بعض وجهاء مجتمعنا الغيارى أمثال : سماحة الشيخ يوسف جربوع شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز في سورية ، والأستاذ أبو عبدالله حسن الأطرش ، والشيخ أبو هاني أدهم نعيم ، والشيخ أبو نمر ناصر نعيم، وغيرهم كثر .. أطال الله في أعمارهم جميعاً لترميم ما تصدع من ” النسيج الاجتماعي “، إلَّا أنَّ التحديات كبيرة جداً التي حدثت خلال هذه الحرب الكونية على سورية عامة وجبلنا الغالي خاصة ، هيأت المشهد لأن يكون له تأثيرات سلبية وأصبح القتل على الهوية والإنتماء الطائفي لأبناء جلدتهم من قبل من يسمون أنفسهم ثوار ومعارضة ضد وطنهم سورية ، أمثال أخوتهم ممن يتظاهرون في ساحة السيد الرئيس بمدينة السويداء ، مما شكلت تهديداً خطيراً لاستمرار حالة الترابط الاجتماعي التي تضمن المحافظة على القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الإجتماعية والأعراف الحميدة فضلاً عن الهوية الوطنية السورية ، مما يدعو إلى احتمال ظهور هويات متعددة ، ومتضاربة ، كأدارة ذاتية لإقليم جبل الدروز ، وإقليم شرق الفرات وغيرها .. من تسميات انفصالية تقسيمية للوطن سورية ، وبسبب هذه الحرب الخطيرة التي قد أودت عبر تاريخ هكذا حروب بكثير من المجتمعات والأمم المختلفة وجعلتها تحت وطأة هويات متعددة يتشاركون في أرض ، وليس في وطن واحد يجمعهم ، وسادت تلك المجتمعات حالة من حالات العداء الأخوي المجتمعي ،وغابت شعارات التضامن والتعاون والأخوة والألفة والمحبة بين أفراد المجتمع …
كما غاب أيضاً دور العشيرة التي كان لها دور بارز في المحافظة على النسيج الاجتماعي ، وبدلاً من المحافظة على الهوية العشائرية التقليدية المعروفة بأعرافها ، طالت حالة التشتت والتشرذم العشائرية ؛ بل تعدى ذلك ووصلت حالة الانقسام إلى جميع مؤسسات وأركان المجتمع ومكوناته بما فيها الأسرة الواحدة ، وهذا كله أدى لتداعيات خطيرة منها : كثرة الهجرات الداخلية والخارجية من المحافظة خاصة والوطن عامة ، وتأخر وتردٍ في الخدمات والبنى الأساسية ، وتدهورٍ اقتصادي مستمر ، وإرتفاع معدلات البطالة ، وانتشار واسع للفساد وغيرها …
وما علينا اليوم سوى التعاضد المجتمعي ، وتعزيز دور المجالس والمضافات في تربية الأجيال وغرس القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الاجتماعية ، وفي حل القضايا الإجتماعية ، وتفعيل دور الجمعيات الأهلية المجتمعية وفق الأنظمة والقوانين والتشريعات المنظمة لهذا الشأن وسيادة القانون ، وتعزيز دور رسالة المضافة والمجالس والوعظ والأرشاد ونشر ثقافة التسامح الديني والحث على الإلتزام بالعبادات ، والمحافظة على لغة الحوار وعدم إستخدام السلاح بين أفراد المجتمع الواحد ، والحفاظ على البيئة الاجتماعية المتماسكة المترابطة سواءً …
وفي الختام : نود أن نركز على أهمية الحفاظ على تماسك وترابط المجتمع والأسر وحمياتها من التمزق والضياع وطرد وإقصاء أصحاب الفتن الذين يدسون السم في العسل ويصدرون كلام ظاهره حق باطنه باطل ” معاني حلال بمضامين حرام ” ، خدمة لمصالح أسيادهم هي مسؤولية عظيمة ورسالة سامية تتضامن فيها كل مؤسسات المجتمع والدولة ابتداءً من رب الأسرة ووجهاء المجتمع والحكومة إلى مؤسسات المجتمع المدني ؛ لأن ذلك ينعكس إيجاباً على سلامة وأمن الدولة والمجتمع ، وأهم ركائز التوازن الذي يضمن الاستقرار الاجتماعي والأسري ؛ لأنه أهم مقومات الحياة الإنسانية والمجتمعية للعيش تحت مظلة النسيج الاجتماعي الوطني …

الفقير لله مجدي نعيم

https://www.facebook.com/share/p/DcKR96vUcHjakueY/?mibextid=oFDknk

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى