العلاقات الإعلامية في حزب الله تقيم حفلاً تكريمياً بعنوان “إعلاميّون على طريق القدس”
تكريم عدد من الإعلاميين في لبنان برعاية وزير الإعلام زياد مكاري
أقامت العلاقات الإعلامية في حزب الله حفلًا تكريميًا تحت عنوان “إعلاميّون على طريق القدس”، عصر الجمعة، في قاعة فندق الريفييرا، كرّمت فيه عددًا من الإعلاميين في أكثر من مؤسسة إعلامية في لبنان، وذلك برعاية وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري.
عفيف: أنّكم عن حق وجدارة تمثلون سائر الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية وتجمعون أجمل ما في مهنة المتاعب: الرسالة والشهادة
وأشار مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف في كلمته بالقول:”عندما أطلق سماحة السيد الأمين العام حفظه الله تعالى، على المجاهدين الأشراف الذين يُلاقون وجه ربهم في ساحة المعركة في الجنوب بالشهداء على طريق القدس، إنّما أراد أن يُعطيهم هوية ترتبط بما هو مُقدّس في تاريخنا، وبما هو مقاوم في حاضرنا، هوية جامعة لا تفريق فيها، أطلقها على شباب في عمر الورد، يحزن القلب لغيابهم، وتستبشر الملائكة لقدومهم، هم أحياء كما وصفهم القرآن الكريم: “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”، دفاعًا عن وطن وشعب ننتمي إليه، ما فتئ يتعرّض للعدوان والغزو والمذبحة منذ عام 1936، ذلك لمن يقرأ تاريخ لبنان ويحسن النظر إليه دون مواقف مُسبقة، مانحين أمةً وشعبًا كرامةً لطالما طعنها الاحتلال بشرفها، واقتدارًا لم يكن أبدًا متاحًا مثلما هو اليوم بعدما كان بلدنا مُستباحًا، وثقافة هي ثقافة الحياة الحرة الشريفة العزيزة، أن تصنع قدرك بيديك لا بيد الغريب، ووهبوا حياتهم فداءً لحياة الآخرين دون تمييز ومثل السيد المسيح عليه السلام وطأوا الموت بالموت، وقد نهضوا قبل أربعين عامًا وعامًا والنصر حليفهم، نصرًا حقيقيًا صادقًا غير وهمي، وضّاءً صادحاً كنور الشمس، وكبدوا عدوهم هزيمة حقيقية جعلته اليوم مُكبّل اليدين، مقيد الخيارات، متوسل الوسطاء والوساطات يكيل التهديد تلو التهديد وهو أسير وضع مأزوم أمام الخيارات الواضحة بلا أسقف أو ضوابط أو حدود.
تتعرض مقاومتنا في دفاعها عن لبنان وشعبه وانتصارها للشقيق لظلم فادح من بعض أبناء بلدنا على مستوى تقدير الموقف وتوقع النتائج، وتحليل السياسات وقد كدنا أن نقول أنّ تجربة عام 2023 لا تُقاس بحرب تموز 2006، بمعنى أنّ جزءًا من شعبنا لم يتآمر على جزء آخر من شعبنا، ولم ينتصر الأخ وابن البلد والمواطن الشريك بالحقوق والواجبات والهوية والقدر والمصير، للعدو على حساب ابن بلده، غير أنّ ثمّة من يريد أن يطيح بهذا التفاؤل وأن يرمي في المعركة ضدّ المقاومة بحجر أو كلمة أو رمح على قاعدة اشهدوا لي عند الأمير أنّي أول من رمى، فانبرى من انبرى مُشكّكًا بغاية المقاومة ونواياها، أو هو مشكك بجدواها، وقد اشتكى منها العدو ليله ونهاره في الميدان الحقيقي حيث تتصارع الإرادات، أو عبر الوسطاء والمهرولين سرًا وعلانية إلى حصن المقاومة يلتمسون وقفًا للنار في جبهة الجنوب أو صيغة من صيغ الحل تُعين العدو على أن يرفع صورة نصر بات بعيدًا، وإننا كنا نأمل أن يتم تدارس عبر حرب تموز وهي ليست عنا ببعيدة، ولا نزال نعيشها كأنها بالأمس وكأن من نجا منها قد كتب له عمر مديد، غير أنّ القوم هم القوم، وإني لآسف على حالهم إذ يصرخ العدو من الإيلام والوجع فيصرخون معه متألمين، ثمّ يحتفي العدو نفسه بصراخهم وألمهم، وقد كنا في نقاش مع سماحة السيد رئيس المجلس السياسي وقد ضاق صدر البعض فينا من حجم الأذى الذي يطال شهداءنا وعوائل شهدائنا ومجاهدينا ضمن نقاش مستفيض في أحوال البلد والناس، فأنكروا على قيادتنا الصبر والتحمل ودفع البلاء بالتي هي أحسن فقال: قال الحسن البصري للإمام جعفر الصادق وهو أستاذ الأئمة: با أبا عبد الله: ليس العجب ممّن هلك كيف هلك، وإنّما العجب ممّن نجا كيف نجا!» . فقال عليه السلام : ليس العجب ممّن نجا كيف نجا، إنّما العجب ممّن هلك كيف هلك مع سعة رحمة اللّه.
أيها الإخوة والإعلاميون الضيوف الأعزاء،
إنما استلهمت شعار “إعلاميون على طريق القدس” من “شهداء على طريق القدس”، فهم الشهداء وأنتم الشهود، نقلتم بطولات المقاومين وصبر عوائل الشهداء وتمسك الجنوبيين بقدرهم النهائي في وطن لا بديل عنه ولا نزوح منه، فوجب عليّ تكريمكم وأفيكم بعض حقكم إذ تنالون عبر العلاقات الإعلامية في حزب الله من يد المقاومة ميدالية تكريماً لعطائكم، واخترنا متمثلين بسماحة السيد القدس عنوانًا جامعًا لا طَرَفيًا ولا ظرفيًا في قضية أعتقد أنّ أحدًا لا يختلف فيها أو عليها، تقديرًا لعطائكم ونقلكم الصورة حية من الميدان، وقد أحبكم المقاومون وأهل المقاومة وعرضتم أنفسكم للخطر، وكنت وأخواني نرى التعب على وجوهكم، وقد وجب أن يكون حفل التكريم هذا في الجنوب العزيز لولا ما نعلم وتعلمون، حيث يختلط حبر الحقيقة بدماء الشهداء، ولنا إذا سنحت الظروف وتحقق النصر من عودة إن شاء الله، وقد اختار الله بعضكم شهداء فكان عصام العبدالله أولًا ثم فرح عمر وربيع معماري، نسأل الله أن يحفظ الباقين ويحميهم بقدرة واحد أحد.
ومنذ أن عزمت على حفل التكريم البهيج هذا راودتني وآخرين من زملائي وأصدقائي جملة من الأسئلة، لماذا الآن ولم لا ننتظر انتهاء المعركة وإعلان النصر؟ لماذا الإعلاميين اللبنانيين حصرًا وقد غطى الأحداث في الجنوب ذات يوم جملةٌ من مائة وخمسين طاقمًا صحافيًا لبنانيًا وعربيًا وأجنبيًا؟ ولماذا هؤلاء المكرمين الموجودين بيننا الآن وليس سواهم؟ وقد أحببت باسم أخواني في قيادة حزب الله أن نقول لكم الآن وليس غدًا وقبل أن يجف العرق عن أجسامكم أو المطر عن ثيابكم شكرًا كبيرًا متصلًا غير منقطع، ونعتقد مؤمنين أنّكم عن حق وجدارة تمثلون سائر الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية وتجمعون أجمل ما في مهنة المتاعب: الرسالة والشهادة.
في الوقت الذي كان يغطي جبهة الجنوب فرق إعلامية عديدة على مدار الساعة وحتى هذه الساعة وعلى الهواء مباشرة كانت الجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة تمارس التعتيم والرقابة العسكرية الدائمة، الهدف في ذلك واضح: التكتم على الخسائر في الأرواح من المدنيين والعسكريين، ومحاولة الحفاظ على الروح المعنوية في جيش العدو ودفع المستوطنين إلى التماسك وعدم الانهيار وترك الشمال الفلسطيني المحتل فريسة المخاوف من حزب الله وقوة الرضوان.
لكم انقلبت الصورة في كيان العدو من الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم، والقادر على تحقيق النصر على عدة جيوش عربية مجتمعة كما روجت الدعاية الصهيونية الى الجيش المنهك القلق المضطرب أمام ضربات المقاومة في فلسطين ولبنان والذي يفقد وظيفته الوجودية وهي حفظ هذا الكيان المؤقت.
لكم انقلبت الصورة في كيان العدو، فعندما يدفن العدو قتلاه سراً في كريات شمونة على ضوء الشموع بأعداد محدودة جداً من المشيعين لا يتعدون أصابع اليد وتحت حراسة أمنية مشددة وخلال مدة زمنية محددة لا تتجاوز عشر دقائق، فيما يحضر إلى عيترون بضعة آلاف من المشيعين لتشييع الشهيد حسين ابراهيم سلامة وعلى الحدود مباشرة وتقام المراسم العسكرية لشهيد حزب الله فإنا نعلم أنّ إسرائيل قد خسرت المعركة الإعلامية والنفسية، ونعلم أنّ إسرائيل قد خسرت الحرب.
طوال الفترة السابقة وبالتنسيق مع وزارة الإعلام والجيش اللبناني وخاصة العميد مصباح الخليل أدرنا عمليات تنسيق وتعاون منتظم مع الطواقم الصحافية كافة دون تمييز أو استثناء ودون تقيد بتاتًا بالمواقف المسبقة. غطّى الحرب في الجنوب فرق عمل من قنوات ومؤسسات وإعلاميين ناصبوا المقاومة العداء على مدى سنوات، ولكننا بمهنية تامة أقمنا علاقات مفتوحة مع الجميع وزودناهم بالمعلومات والبيانات وقدمنا لهم التسهيلات والصور والوثائق، على أنّ ذلك لا يمنع أبدًا من أن أدين الانحياز الصريح إلى جانب العدو من بعض الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية خاصة العربية منها التي تحوّلت أبواقًا له وصوتًا حيث لا صوت له، ينطقون باسمه ويروجون لسياساته وينشرون تصريحات مسؤوليه وجنرالاته، بل ويحصلون من العدو نفسه على تقارير ومعلومات وأخبار، وينشرون الدعاية الإسرائيلية، شركاء العدو في الحرب النفسية ضد المقاومة، ولم تهزهم أبدًا صور الضحايا من الأطفال مقطّعي الرؤوس ولم تهز ضمائرهم جريمة المستشفى المعمداني، حتى باتوا إيدي كوهين وأفيخاي أدرعي ولكن بلسان عربي غير فصيح.
لقد سقطت BBC و CNN ونيويورك تايمز وعموم الصحافة الفرنسية وأغلب الصحافة الغربية بشقيها الأميركي والأوروبي وكثير من الأسماء الكبيرة، سقطوا في الوحل وفي العمى وفي الانحياز المفرط، وتجاهلوا آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وفقدوا إنسانيتهم أولًا ومهنيتهم ثانيًا، ولقد اختلفنا اختلافًا شديدًا مع وكالة رويترز على تغطيتها غير المنصفة إجمالًا في غزة وفي لبنان، وعلى ما تستخدم من مصطلحات وإن جمعتنا الصداقة وظروف العمل مع طاقمها الكفؤ في بيروت غير أنّ الخلاف زادت شقته مع استشهاد عصام العبدالله وكيف تعاملت إدارة رويترز مع الخبر حيث تم تجهيل القاتل وقد مارسنا ضغوطًا معنوية على رويترز وأصدرنا بيانات منددة بسلوكها المهني وكذلك فعل معالي وزير الإعلام وعقدنا معهم عدة اجتماعات وتعاونا تعاونًا مثمرًا تكلل بإصدار رويترز بيانًا صريحًا يتهم فيه العدو الإسرائيلي بمقتل الشهيد عصام العبدلله في حادثة لا سابقة لها وهذا بدوره انتصار إضافي للحقيقة والعدالة، واليوم اذ نعبر عن اختلافنا الشديد مع رويترز ننظر إلى عصام العبدالله شهيدًا للبنان كل لبنان وللكلمة الحرة والصورة المقاومة، ونعبر مجدداً عن اعتزازنا وتضامننا مع عائلته وكذلك مع عائلة فرح عمر وربيع المعماري وأسرة الميادين الذين بكوا بحزن عميق رفاقهم وكذلك فعلنا، في المقابل، يتوجب عليّ أن أشهد للحق لعدد من المراسلين الميدانيين اللبنانيين أو المؤسسات اللبنانية الذين لطالما كنا معهم على خلاف في شأن أو آخر من شؤون السياسة المحلية وشجونها وكانوا واضحين منذ البداية أنّ مقاتلي حزب الله هم مقاومون يدافعون عن وطنهم وأن قتيلهم هو شهيد الوطن وأنّ هذه المعركة هي معركة دفاع عن لبنان لا نضيع فيها البوصلة في مواجهة العدو وهذا ما دأبت عليه سائر المؤسسات الإعلامية المشاركة في حفل التكريم هذا.
بعد أن فقدت قناة الجزيرة جزءًا كبيرًا من مشاهديها في الربيع الزائف والعشرية السوداء عندما كانت تدير المظاهرات وترفع الكراتين وبلغ فيها الاعتداد حد الاعتقاد انها تسقط أنظمة وتطيح بالعروش، عادت في طوفان الأقصى الى وهج سابق وأداء مهني متقن ولغة فلسطينية صافية، ثم سرعان ما اثارت الإشكاليات حولها مجدداً عندما فتحت هواءها للعدو سياسيين وجنرالات ولحلفائه والناطقين بهواه من عرب وأغراب، فاحتمت بوائل الدحدوح الجبل الصلب الذي يستحق تكريمًا عالميًا كصحفي وإنسان، وأستغلها مناسبة كي أوجه له التحية والتقدير باسم اخواني وأعبر عن تعاطفي الصادق معه قلبًا ودموعًا وصبرًا وأسى، ثمّ أثارت القناة الإشكالية مرة أخرى عندما اختارت تصنفيها ومعاييرها كما شاءت لا كما تشاء الحقيقة، فسمت الذين يُقتلون في غزة وفلسطين مدنيين ومقاتلين بالشهداء، وهو حق، ثمّ عندما يقتل الفلسطينيون أو اللبنانيون، مدنيين وعسكريين، في الجبهة اللبنانية تسميهم بالقتلى وتحجب عنهم صفة الشهادة وهذا والله ظلم كبير، وقد تناقشت مع الإدارة في الدوحة مرات عدة في هذا الشأن وشؤؤن أخرى وقدموا الكثير من التبريرات غير الموفقة وغير المقنعة، غير أن مازن إبراهيم وزملائه وعلى رأسهم الشهيدة الحية كارمن جوخدار أبلوا البلاء الحسن وغطوا الجبهة الجنوبية بكفاءة بالغة تليق بمراسلي الجزيرة المحترفين وروح وطنية عالية وإيمان عميق بوطنهم وشعبهم ويقين صادق بوحدة المعركة في الجبهتين دون حسابات الحدود المصطنعة.
لقد انخرطت الميادين في المعركة فكانت أم الصبي، لا تقبل القسمة على اثنين، هدفًا ورسالة وتغطية مكثفة وشعارًا سياسياً واضحًا بكلفة باهظة ثقيلة، ثلاثة شهداء أعزاء: فرح عمر وربيع معماري وحسين عقيل، وإقفال مكاتبها في فلسطين المحتلة، وكذلك فعلت الأخبار التي تستحق شهادة خاصة وثناءً صادقاً، ومعها الديار وNBN والجديد والوكالة الوطنية للإعلام منذ طوفان الأقصى، كل بحسبه وقدرته وطاقته وإمكاناته غير أنّ الروح هي الروح، الطريق واضحة والهدف ثابت، ففتحوا الصفحات وساعات الهواء على امتداد البث الطويل والمكثف قناعةً وأداءً وأبلى مراسلوها وكتابها وضيوفها البلاء الحسن جزءًا من معركة طويلة متواصلة.
وعندما نكرّم سمير الحسن منسق اللقاء الإعلامي الوطني فإننا نوجه التحية عبره إلى رفيق نصر الله وناصر قنديل وزياد ناصر الدين وسكارليت حداد وساندريلا مرهج ومخايل عوض وفيصل عبد الساتر ورندلى جبور وآخرين آخرين ممن لا يتسع المقام لذكرهم لنقول لهم إننا نقرأكم ونسمعكم ونراكم ونقدر لكم ما قمتم وتقومون به.
يتوجب علىّ دون رياء أو مديح الذات أن أشيد بإخواني في الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية ومراسليه ومصوريه وطاقمه المبدع والخلاق، وحضورهم في الميدان وفي كل عملية والذين دكوا حصون العدو الإعلامية بوابل من الصور والأفلام والوثائق، الذين لولاهم لما كانت حقيقة الجبهة في الجنوب على ما هي عليه من وضوح الرؤية، وهم الجنود المجهولون في الأرض، المعلومون في السماء، وقد وافق الأخ مسؤول الإعلام الحربي على مضض على قبول الجائزة معتذرًا هو وإخوانه عن الحضور المباشر للأسباب والتعليمات المفهومة لكم والمقدرة منا جميعًا ولذا نسلم ميدالية الإعلام الحربي إليه بواسطة أحد إخواننا الحاضرين هنا.
تستحق المنار ولا شك التكريم في هذه المناسبة وفي مناسبات المقاومة والبطولة، الحاضرة دومًا في قلب المعركة والمواجهة، ويستحق كل مراسل ومذيع في المنار التكريم باسمه أو صفته، وإذ نكرم المنار فإننا نكرم معها وبها إذاعة النور وموقع العهد وسيميا، ولو شئنا لكرمنا منهم أسماء وأسماء يستحقون أن يقفوا هنا على هذه المنصة ولكننا أهل دار واحدة ولن نقوم بتكريم أنفسنا وإلا لوقعنا في شبهة المحاباة والمباهاة، غير أنّ علي شعيب قصة أخرى، أيقونة حقيقية وشهيد حي حتى بات هدفًا صريحًا للعدو وفد تواطأنا أنا ومدير عام المنار منذ مدة على إبعاده عن الخطوط الأمامية غير أنّه سرعان ما يخالف القرار ويعود إلى حيث يهوى، تراب أقدام المجاهدين ومهاجع نومهم ومرابض إطلاق النار. في عام 2006 عندما الجنوبيون يغادرون باتجاه الشمال تحت وطأة القصف بحثًا عن الأمان كان علي شعيب يعبر النهر وحيدًا وفي جعبته كاميرا المنار ومذياع النور باتجاه الجنوب، وحيدًا وحيدًا يبيت في عتمة الليل في سيارة متهالكة ينقل صورتهم ورسائلهم ومقاومتهم. وكنت أبيت خلال حرب تموز على قلق عليه حتى أسمع صوته أو أراه على الشاشة فأتنفس الصعداء.
لقد تأخر تكريم علي شعيب كثيراً، إذ هو تكريم الفداء والبطولة. تكريم القناة التي حملت شعلة المقاومة حتى أسماها سماحة السيد لولا المنار لضاع الانتصار.
وكذلك تأخر تكريم بثينة عليق وبرنامجها المتلألئ على إذاعة النور الذي يكاد يكون منسوبًا إليها وحتى ليكاد السياسي أو الإعلامي أن يقول عندي مقابلة غدًا مع بثينة. تستحق التكريم بالطبع على أدائها ودورها الرسالي الكبير منذ طوفان الأقصى. غير أنّها قبل كل ذلك وفوق ذلك تستحق الإشادة والشكر على مجمل حياتها المهنية وعطائها المتواصل عمراً طويلًا في خدمة الرسالة والمقاومة.
مرة أخرى شكرًا عصام العبدالله وربيع معماري وفرح عمر الذين جعلتم بموتكم الحياة أكثر كرامة، والانتصار القادم أكثر بهاءً، وشكرًا سمير الحسن، بثينة عليق، آدمون ساسين، حسن فقيه، أمال خليل، كارمن جوخدار، كرستينا عاصي، مازن إبراهيم، حسين عزالدين، حنا أيوب، علي شعيب، زياد حرفوش، علي مرتضى ومحمد فرحات.
والشكر موصول لمعالي الوزير الصديق زياد مكاري على مشاركتنا حفل التكريم هذا وأدعوه إلى إلقاء كلمته قبل البدء بمراسم تسليم الميداليات إلى الأعزاء المكرمين.
مكاري: الإعلام المقاوم في زمن الحرب، سلاحُه الحقيقة وذخيرتُه الحقّ، وانطلاقاً من هاتين الثابتتين سنتلو يومياً فعل الإيمان بمقاومتِنا،
والقى وزير الاعلام كلمة قال فيها:”على بُعدِ خمسةِ أيامٍ من اليوم، تُتِمُّ الحرب على غزّة شهرَها الرابع، وإسرائيل لم ترمّم في أربعةِ أشهرٍ صورَتَها التي انكسرت في يوم.
فكُلّ الدمِ المُسال في غزّة لم يَرْوِ جفافَ هيبةِ إسرائيل، وغزّة المُغمّس ترابُها بدماء الشهداء، سماؤها مضاءة بوجوه الأبرياء الذين ارتقوا إلى ربِّهم، ومعظمُهُم في ريعانِ الشباب.
أربعةُ أشهرٍ وغزّة على صلابتِها. أربعةُ أشهرٍ وغزّة على مقاومتِها. أربعةُ أشهرٍ وغزّة تُقاوم حباً بالأرض. أربعةُ أشهرٍ وغزّة ممنوعةٌ من الحياة.. ملفُّ الأسرى مُقفل. ملفُّ إدخال الأدوية مُثقل بالشروط، علماً أنّ آلة القتل الهمجيّة تتوغّل يومياً في عُمقِ الدمِ الفلسطيني، وتتولّى ألاّ يكون هناك جرحى في غزّة، إذ تعتمد سياسةَ حرقِ البيوت بقاطنيها، وعليه، تُسوّى المنازل رماد، ومثلُها الأجساد، ولا من يسمع أنين الأطفال والنساء سوى عَدَسات الإعلام الصغيرة التي توثّق جرائم إسرائيل الكبيرة، ولذلك، ليس مُستغرباً استدراج إسرائيل لما يزيد عن مئة إعلامي إلى كمائن الموت، وللبنان حصّة، بحيث تربّع عصام عبد الله وربيع معماري وفرح عمر على لائحة أشراف الأمة، خلال مرابضتِهم على حدود القدس.
لقد نجحَ الإعلام المقاوم في تعرية الأكاذيب الإسرائيليّة، وفي قلبِ المشهد عالمياً. ثمّة رأي عام عالمي يكبُر كلّ يوم، وقد بات عبئاً على حكوماتِه الصامتة، والإعلام المقاوم هو الخميرة التي بفضلِها يكبُر هذا الرأي العام.
الإعلام المقاوم في زمن الحرب، سلاحُه الحقيقة وذخيرتُه الحقّ، وانطلاقاً من هاتين الثابتتين سنتلو يومياً فعل الإيمان بمقاومتِنا، وسنقاوم بعدستنا واقلامنا وحقيقتنا.