بعد إفشال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فرص التوصّل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة في قطاع غزة، توجّهت عدة دول أوروبية وعربية إلى فرنسا، لعقد قمّة دولية للدفع بالصفقة، التي باتت تمثل رغبة عالمية قد تمهّد تلبيتها لإنهاء الحرب التي تدخل بعد أيام شهرها الخامس. وجاء الحراك الأوروبي الذي تقوده باريس، في ضوء تأثّر التجارة العالمية وتأخّر الكثير من شحنات أوروبا التجارية، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة هجمات حركة «أنصار الله» في منطقة البحر الأحمر، علماً أن وقف استهدافات الأخيرة مرهون بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عن القطاع.وفيما تتّسق الرغبة الأوروبية مع تلك الأميركية، في إتمام صفقة تبادل بين حركة «حماس» ودولة الاحتلال، إلّا أن واشنطن لم تعلن بعد أنها تريد صفقة تنهي الحرب. وفي الإطار ذاته، نقل الوسطاء المصريون والقطريون، أنهم في خضمّ سلسلة لقاءات ومباحثات في العاصمة الفرنسية باريس، حيث يترأّس مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز، هذه المباحثات، الهادفة إلى بلورة تصوّر يدفع بصفقة تبادل يرضى بها الطرفان، بحسب ما أفاد به مصدر قيادي في حركة حماس، «الأخبار».
ومن جهتها، نقلت المقاومة إلى الوسطاء أنها ما زالت عند شرطها المتعلّق بوقف الحرب بشكل كامل في قطاع غزة لإتمام صفقة تبادل، مؤكدةً أنها أيضاً بحاجة إلى ضمانات دولية تتعلّق بتنفيذ دولة الاحتلال شروط الصفقة، وأنها منفتحة على دراسة أيّ مقترحات تُقدَّم إلى الوسطاء من خلال هذه اللقاءات لتسهيل صفقة تضمن إنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى وإعادة إعمار غزة. كذلك، أبلغت «حماس»، الوسطاء بأنها «ترفض بشكل قاطع» أيّ تهدئة في القطاع، موضحة بالنص: «لن نفرج عن أيّ أسير ضمن هدنة، وما زلنا مصرّين على وقفٍ لإطلاق النار، ولن يصل الاحتلال إلى أيّ أسير حي في قطاع غزة إلّا بصفقة تبادل، والمشكلة حالياً لدى نتنياهو والمتطرّفين لديه في الحكومة الذين يريدون استمرار الحرب لبقائهم في الحكم».
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أفادت بأن وليامز بيرنز سيلتقي رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، خلال الأيام المقبلة في أوروبا، لبحث الجهود المبذولة للوصول إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين. ويتوقّع الوسطاء أن يفضي الضغط الأميركي والأوروبي على دولة الاحتلال، إلى قبول نتنياهو بالصفقة التي تتضمّن إنهاء الحرب على غزة، بعدما فشِل الخيار الإسرائيلي الذي روّجه أمامهم إبّان الصفقة الأولى، حين قال إن مزيداً من الضغط العسكري سيدفع حركة «حماس» إلى الإفراج عن الأسرى، وسيقلّص الثمن المطلوب دفعه.
وفي الإطار نفسه، كشف المصدر القيادي في الحركة أن الكثير من النقاط تمّ التوافق عليها مع الوسطاء، إلا أن العقبة لا تزال تتمثّل في رئيس حكومة الاحتلال الذي لا يريد إنهاء الحرب، بل هو يسعى إلى توريط مختلف الأطراف في حرب شاملة في المنطقة.