يجزم فريق مُتابِع لمسار النزاع المزمن بين مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ورئيس «شعبة المعلومات» العميد خالد حمود بأنّ عثمان كرّس، من خلال التشكيلات الأمنية الأخيرة التي شملت 127 ضابطاً بينهم خمسة ضبّاط من «الشعبة» شُكّلوا تأديبياً إلى مواقع خارج «المعلومات»، سابقة لم يعرفها هذا الجهاز الأمني منذ نشأته.
فقد كانت تُحصَر التشكيلات داخل «فرع المعلومات» على مرّ السنوات الماضية برئيسه كونه الأقدر على تحديد الأكفأ من الضبّاط والعسكر لتولّي المهام، حيث تلعب المعايير الأمنية والقدرات المتوقّعة من الضبّاط عاملاً أساسياً في اختيارهم. وهو المسار الذي تمّ تثبيته والالتزام به بعد تعيين العميد حمود رئيساً للشعبة الذي برهن مع ضبّاطه عن كفاءة موثّقة في العمليات الأمنية.
لكن كأس النزاع الصامت بين عثمان وحمود فاضَ إلى الحدّ الذي دفع بالمدير العام إلى كسر هذه القاعدة الأمنية «الذهبية» داخل الجهاز الذي بات مقصداً من أجل الوصول إلى تحقيقات جديّة وسريعة.
فقرار عثمان بتطيير رئيس فرع التحقيق في «الشعبة» (موقع مسيحي في التوزيعات الطائفية داخل الشعبة) العميد دوري نكد وأربعة من ضبّاط الفرع من دون أخذ رأي رئيس الشعبة ولا حتى إبلاغه بالأمر مسبقاً، شكّل خضّة كبيرة داخل الجهاز وحالة من عدم الاستقرار وتوجّساً من تشكيلات تأديبية جديدة يخشى ان يكون معيارها تصفية الحسابات، مع العلم أنّ أوساطاً متابعة تجزم بأنّ «ما يحصل هو جزء من الصراع السنّي في غياب المرجعية الضابِطة و»كلّ فاتح على حسابه» ولو كانت هناك ثمّة حاضنة سنية متينة لما وقعت هذه الفوضى، كما أنّ تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي وصولاً إلى التنافس الكبير المقبل على رئاسة الحكومة كلّها عوامل تلعب دورها بغض النظر عن الملفات الأمنية المفتوحة داخل الشعبة».
مع ذلك، ثمّة من يجزم بأنّ ما قام به اللواء عثمان من فصل ضبّاط من «الشعبة» إلى مواقع خارجها وإجراء تشكيلات ضمن «الشعبة» نفسها خطوة ليست لصالح المؤسسة الأمنية، بل بالعكس تماماً كون عثمان سيكون أول مدير عام في تاريخ المديرية تسبب بتحقيق هدف «خصوم الشعبة»، بمن فيهم تجّار المخدرات وأصحاب السوابق والعملاء والارهابيون والمجرمون، لناحية كسر الحاجز الذي عَزلها لسنوات عن المحيط السياسي المحكوم بذهنية «التنفيعات» في التشكيلات و»شلّي وحطّلي فلان» والحرص على إرضاء مرجعيات وقوى سياسية بغض النظر عن كفاءة الضبّاط.
والأدهى أنّ ما قام به عثمان ربما فتح الباب واسعاً أمام «التنكيل» السياسي بضبّاط جهاز أمني لمجرد أنّ أداء رئيس «الشعبة» أو أي فرع من فروعها الأمنية لا يتناسب مع الأهواء السياسية «لأصدقاء» اللواء أو قوى سياسية يتناغم معها.
ما يجري في المديرية من تنافر واستخدام للصلاحيات في غير محلها بدأ يدفع بعض الضبّاط، وهو الأمر الذي لم يحصل في تاريخ عمل الشعبة، الى الاحتماء بالمرجعيات السياسية تبعاً للانتماء الطائفي لهؤلاء، من أجل تحييدهم وحفظ رؤوسهم من أي قرارات ناجمة عن الصراعات.
في هذا السياق تفيد معلومات «نداء الوطن» عن استياء في الدوائر المسيحية من تطيير العميد نكد بلا مبررات، ما يؤسّس لسوابق مماثلة في كافة الأجهزة الأمنية. كما أنّ قوى مسيحية سجّلت امتعاضها من أسلوب إرضاء الفريق الشيعي على حساب المسيحيين، وترجم هذا الأمر من خلال تثبيت ضابط شيعي كقائد وحدة في مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي (الإدارة المركزية)، فيما لم يتمّ اختيار الضابط الماروني في قيادة الدرك والضابط الأرثوذكسي في رئاسة الأركان، وهما موقعان أيضاً من ضمن مجلس القيادة.