بعد سجالٍ مستمر، يترقّب الوسط الكروي حُكماً نهائياً لقضية «سوبر ليغ». قرار محكمة العدل الأوروبية يصدر اليوم، ومعه قد يتغيّر وجه كرة القدم إلى الأبد
على مدار العقود، تم اقتراح إنشاء دوريات أوروبية منفصلة، لا تخضع لسلطة الاتحادات القارية والدولية الحاكمة. ورغم اندفاع المُقترحين، لم تُبصر تلك الأفكار النور، لتبقى في خانة «الأحلام الوردية».
هكذا، احتكر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، ومن خلفه الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) حصرية إنشاء البطولات في القارة العجوز، مع تحديدهما آليات سير المسابقات والحوافز المالية.
ترافقَ الأمر مع إقرار قوانين «وقائية» تحدّ من صرف الأندية للحؤول دون إفلاسها، كما تدّعي الجهات الحاكمة، على رأسها قانون اللعب المالي النظيف. ورغم أهمية هذه القوانين في ما يتعلّق بالاستدامة المالية، إلّا أنها خلقت، بطريقةٍ أو بأخرى، هوّة بين الدوريات الكبرى، وتحديداً بين الدوري الإنكليزي الممتاز، صاحب العائدات التلفزيونية الهائلة، والبقية.
طبعاً، لم ترضَ غالبية الأندية بذلك، وخاصةً بعد الانهيار المالي لبعضها أثناء جائحة كورونا، وهو ما دفع فرق النخبة إلى إطلاق مشروع «سوبر ليغ» عام 2021، وسط اتهامات طاولت الجهات الحاكمة بسوء الإدارة.
هذه المرة، لم يقتصر الأمر على مجرد اقتراح. تم الاتفاق على إنشاء بطولة منفصلة تضم عدداً من عمالقة الدوريات الأوروبية، طمعاً بعائداتٍ ضخمة، وقاد رئيس ريال مدريد الإسباني، فلورنتينو بيريز، التحالف الذي ضم ناديه إلى جانب كل من مانشستر يونايتد وآرسنال وتشيلسي وتوتنهام ومانشستر سيتي وليفربول وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وإنتر ميلانو وإي سي ميلان ويوفنتوس، على أن تدعى ثلاثة أندية أخرى إلى الانضمام قبل الموسم الافتتاحي، فيصبح المجموع 15 فريقاً. وبالفعل، أُقرّ شكل البطولة وموعد انطلاقها، كما حجم العائدات التي يحصل عليها المشاركون، على أن تُلعب في منتصف الأسبوع وهو ما هدد مستقبل البطولات الأوروبية التي ترعاها يويفا.
يجادل رعاة «سوبر ليغ» بأن الهيئات القارية الحاكمة تحتكر كرة القدم (أ ف ب)
على ضوء ذلك، كانت ردة فعل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ومن خلفه فيفا، قوية، حيث قاما بعرقلة مشروع سوبر ليغ قبل أن يُبصر النور حتى، من خلال مفاوضات حازمة مع الأندية المشاركة واتحاداتها الوطنية، وصلت إلى حد التهديد بالعقوبات. فيما اعترضت شريحة كبيرة من الوسط الكروي، منددةً بجشع أصحاب الاقتراح على حساب الأندية «المغمورة».
وعليه، انسحبت أغلب الفرق «المؤسسة»، باستثناء ثلاثة أندية مثقلة بالديون، هي: ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس (انسحب في تموز/ يوليو).
سوف تُصدر محكمة العدل الأوروبية حكمها اليوم لبتّ قضيّة «سوبر ليغ»
ولتهدئة الوضع، حاول القيّمون على اللعبة الوصول إلى تسوية، فرفعوا عدد الأندية المشاركة في دوري أبطال أوروبا إلى 36 فريقاً بدلاً من 32، بدءاً من الموسم المقبل.
حلّ ظاهري لم يُعجب الأندية المؤسسة للبطولة المنشقّة، لتعود بمخطط جديد «أكثر توازناً» من المقترح السابق.
ومع عدم الموافقة على المخطّط «المُحسّن» أيضاً، اتبعت الشركة الراعية للسوبر ليغ (ESLC) ووكالة الإدارة الرياضية «A22» إجراءات قانونية ضد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والفيفا، من خلال رفع دعوى في محكمة تجارية مقرّها مدريد، اتُّهمت فيها الجهات الكروية الحاكمة بـ«احتكار كرة القدم» بشكل غير قانوني كما «انتهاك قانون المنافسة»، وخاصةً عندما هدّد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على الأندية واللاعبين في حال شاركوا ببطولة سوبر ليغ.
أُحيلت القضية إلى محكمة العدل الأوروبية بعدها، وجرى الاستماع إلى الحجج القانونية لجميع الأطراف، بانتظار الحكم النهائي اليوم.
منعطف مصيري ينتظر السوبر ليغ، ومن خلفها الكرة الأوروبية جمعاء. سوف يتواجه الاتحاد الأوروبي ونظيره الدولي من جهة أَمام رعاة البطولة المنشقّة من جهةٍ أخرى. فهل تنتصر الهيئات الحاكمة، أم يكتب فلورنتينو بيريز وشركاؤه فصلاً جديداً في تاريخ كرة القدم؟