الحريري يضرب آخر حلفائه!
"الشيخ" قرر الابتعاد عن "البيك"، لغايات تحمل الكثير من علامات الاستفهام
لا أحد يستطيع الجزم بطبيعة التركيبة السياسية بعد الانتخابات، التحالفات اختلط فيها الحابل السياسي بالنابل المصلحي على قاعدة تلاقي الاضداد “ظرفياً” في وجه الخصوم من منطلق أن لاعداوات ولا صداقات دائمة في السياسة.
بلغ التنافس ذروته بين القوى المتصارعة للسعي لاستقطاب اكبر عدد ممكن من أصوات المقترعين سواء على صعيد الأحزاب المسيحية أو السنية أو الدرزية وحتى الشيعية ايضاً؛ فالثنائي الشيعي (حركة “امل” و”حزب الله”) يريد رفع الحاصل الانتخابي إلى الدرجة القصوى ولا سيما في الجنوب والبقاع الشمالي وقطع الطريق على خصومه.
يبدو المسار الانتخابي الراهن حافلاً بالمفاجآت على صعيد علاقة الفرقاء السياسيين، ولا سيما لجهة علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. فـ”الشيخ” قرر الابتعاد عن “البيك”، لغايات تحمل الكثير من علامات الاستفهام، يظن الاشتراكيون أنها تهدف لمحاصرة المختارة، لكنهم يؤكدون أن محاولات التضييق ستبقى في خانة السعي الذي لا ينسجم مع تاريخ العلاقة بين “بيت الوسط” والمختارة.
تؤكد الوقائع الانتخابية المتتالية الانزعاج الجنبلاطي من الخطوات الحريرية، فبين من يعتبر أن العلاقة على خط “بيت الوسط” – كليمنصو “زفت” وباتت في مهب الريح وبين من يرى أن الجرة قد كسرت، يكتفي الاشتراكيون الممتعضون من الاداء الحريري بسرد وقائع ما حصل انطلاقاً من إخلال رئيس تيار “المستقبل” بوعده عند تركيب لائحة البقاع الغربي واستبعاده النائب عن المقعد الارثوذكسي انطوان سعد، وعدم مراعاته مصلحة لائحة “المصالحة” في اختيار المرشحين في دائرة الشوف – عالية (استبعاد اي ممثل عن برجا)، وكأن هناك تنسيقا من تحت الطاولة بين التيارين “الازرق” و”البرتقالي” لغايات في نفسيهما، وصولاً إلى زيارتين قام الشيخ سعد بهما لحاصبيا وخلوات البياضة والشوف من دون التنسيق مع رئيس التقدمي، وزادتا الطين بلة. وعليه، يمكن القول أيضاً إن زيارة الرئيس الحريري للبقاعين الغربي والاوسط، اليوم وغداً هي خارج أي تنسيق مع الاشتراكي من زاوية أن الاخير لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد، في حين ترددت المعلومات أن النائب وائل ابو فاعور، سيكتفي بتلبية دعوة تلقاها إلى حفل غداء سيقام على شرف رئيس الحكومة.
في موازاة كل ذلك، فإن المؤكد أن العلاقة بين رئيس “اللقاء الديمقراطي” و”حزب الله” إلى تحسن، تقول مصادر مقربة من الحزب لـ “لبنان24″، متوقفة عند سلسلة تغريدات جنبلاطية ايجابية تجاه المقاومة، ودعم الحزب الاشتراكي للائحة الثنائي الشيعي( الامل – والوفاء) في دائرة الجنوب الثالثة، مشيرة إلى أن قنوات الاتصال مفتوحة بين حارة حريك وكليمنصو، ولا سيما عبر النائب اكرم شهيب، ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا. هذه التغريدات تقابل بالمثل فرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد حيا المواقف ذات الدلالات الخاصة التي يطلقها النائب جنبلاط، في غداء أقيم في بلدة كفركلا لأعضاء كتلة “الامل والوفاء” عن دائرة مرجعيون- حاصبيا- النبطية – بنت جبيل، وكأنه يبعث برسائل ودية عبر النائب انور خليل إلى رئيس “اللقاء الديمقراطي”.
لا يعني ما تقدم أن لا نقاط خلافية بين “حزب الله” و”بيك” المختارة. فالتباين تجاه سوريا لا يزال قائماً وعلى اشده، لكن الوقائع تختلف على المستوى الداخلي، فوزراء الحزب والتقدمي، على سبيل المثال، منسجمون حيال رفض “صفقة البواخر”. أما في ما خص النظرة إلى سلاح المقاومة، فجنبلاط كان أكد في الآونة الاخيرة ارتياحه إلى كون بيان النأي بالنفس لم يشمل مسألة نزع سلاح المقاومة، مشدداً على أن الظرف الراهن غير ملائم بتاتاً لطرح هذا الموضوع واعترافه بدور “حزب الله” في تحرير الجرود وتوجيهه التحية لشهداء الحزب.
يبقى الثابت الوحيد أن بري باق إلى جانب جنبلاط في السراء والضراء، والعكس صحيح. فعلاقة الرجلين غير قابلة للاهتزاز. لم يكتف رئيس المجلس بترك المقعد الدرزي شاغراً على لائحة الثنائي الشيعي في دائرة بيروت الثانية، بل أوعز إلى مناصري حركة “امل” بالتصويت لمرشحي التقدمي الاشتراكي في الشوف، رداً على دعم الـ”بيك” للائحة “الامل والوفاء” في الجنوب الثالثة.
وعليه، يمكن القول إن الامور بين “حزب الله” ورئيس “اللقاء الديمقراطي” جيدة وتحتمل قابلية التطور، على عكس علاقة “بيت الوسط” وكليمنصو التي تعيش أزمة ثقة حقيقية. فالتراكمات تحولت إلى اشكالية قد تخلق مضاعفات عقب الانتخابات، من الصعب معالجتها.
هتاف دهام – لبنان 24