اخبار محليةالرئيسية

تعويضاً عن فشلها في زيادة التغذية بالتيار الرسمي: الحكومة «ترِكّ» على المولّدات

فؤاد بزي - الأخبار

عندما تحوّل تعثّر وزارة الطاقة والمياه في معالجة مسألة زيادة ساعات التغذية الكهربائية، إلى يقين، لجأت الحكومة إلى خلق «همروجة» حول تنظيم قطاع غير شرعي أصلاً، وهو قطاع مولدات الكهرباء. فأصدر رئيس الحكومة نواف سلام تعميماً يطلب فيه أن يكون «القانون هو المرجع الوحيد في تنظيم القطاع»، علماً أنّ القانون لا يسمح لأحد بتوليد الكهرباء من دون امتياز أو ترخيص، فكيف إذا كان القطاع كلّه يعمل بلا تراخيص ويسعّر على ذوقه ويجبي الأموال من المشتركين.

وإثر تعميم سلام، جمع وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط ممثلي أصحاب المولدات وأبلغهم الفرمان الحكومي بإلزامية تركيب العدادات والفلاتر والالتزام بالتسعيرة الرسمية تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ المخالفين، من تنظيم المحاضر، وصولاً إلى المصادرة.

تجربة الدولة في التعاطي مع هذا الملف ليست مشجّعة، فالحملات على المولدات عمرها من عمر أكثر من 10 سنوات، ولم تسفر سوى عن تغيير في آلية احتساب الاستهلاك من المقطوع إلى العدادات، وبقيت الفلاتر ومعها الشروط البيئية أموراً خارج الحسبان. وحتى هذا التغيير لم يشمل كلّ الاشتراكات في لبنان التي تشتري الكهرباء من 7 آلاف مولّد، وفقاً لأرقام وزارة الاقتصاد. لذا، تظهر الوقائع على الأرض أنّ التحذيرات غير قابلة للاستدامة.

مثلاً، في السنوات الماضية عندما كانت تتم عملية المصادرة لمولّد ما، يصبح المشتركون أول المعترضين على المصادرة، لأنه يتم تخييرهم بين البقاء من دون كهرباء، أو دفع فواتير عالية. وفي النهاية يختارون الدفع على العتمة. بالنسبة إلى هؤلاء «لم تقدّم الدولة بديلاً، ولا البلديات في المدن قادرة على تسلّم المولدات، ومحاضر الضبط شكلية» يقول أحد المشتركين في منطقة خلدة، لافتاً إلى «تقصير البلديات الكبير في معالجة هذه الأزمة، ففي البلدات الكبرى تكتفي البلديات بفرض العدادات والتسعيرة الرسمية على المولدات حيث يقطن ناخبوها».

حتى وزارة الاقتصاد والتجارة تدرك حجم المخالفات، إذ تشير إلى أنّ «750 كشفاً لمراقبي الوزارة أظهرت 271 مخالفة على مستوى التسعير وعدم تركيب العدادات، وهذا رقم كبير لأنّ المخالفات ظهرت في ثلث الكشوفات». ولا تُظهر هذه الأرقام الرسمية إلا جزءاً من جبل الجليد، بحسب مسؤولين بلديّين في الضاحية الجنوبية، إذ إن تنظيم القطاع بالنسبة إليهم لا يبدأ من ملاحقة أصحاب المولدات كما أثبتت تجربة السنوات الماضية، بل في إيجاد حلّ جذري لأزمة الكهرباء.

فأصحاب المولدات يعيشون على استمرار الأزمة، وكلّما زادت ساعات العتمة، زادت قدرتهم على التحكم بالناس لأنّهم «الأمر الواقع على الأرض، ولولا مولداتهم لا كهرباء اليوم في غالبية البيوت في لبنان»، والدليل الأبرز بالنسبة إليهم «خفض ساعات التغذية بالكهرباء، أو تعديل التسعيرة ورفع قيمتها، بعد رفع ثمن صفيحة المازوت الشهر الماضي».

وفي مقابل «التعاون» الذي لمسته وزارة الاقتصاد من أصحاب المولدات في اجتماعهم الأخير، بحسب بيانها، لا تغييرات ملموسة على أرض الواقع، ولا حتى تجاوباً. في منطقة عرمون، يصرّ أحد أصحاب المولدات على أنّ «المقطوعة هي السبيل الوحيد للاشتراك في مولّده». يبرّر الأمر بـ«توقيع المشتركين على أوراق يبدون فيها عدم رغبتهم في تركيب عدادات»، ويقول «فلتشغّل الدولة معاملها بدلاً من ملاحقتي». لكن المشتركين يقولون إن «التوقيع إلزامي، وإلا لا كهرباء، فساعتَا التغذية من خطوط الدولة لا تكفي».

وفي بيروت العاصمة التي لم تعرف المولدات الخاصة إلا في السنوات القليلة الماضية، وهي الأقرب إلى الوزارات والمراكز الأمنية، يتفاوت مشهد الاشتراكات فيها من الملتزم بالعدادات والتسعيرة الرسمية، إلى الذي يفرض المقطوعة مع رسم اشتراك يصل إلى 100 دولار شهرياً مقابل خمسة أمبيرات. فعلى سبيل المثال، تفرض المقطوعة كطريقة وحيدة للاشتراك، ومن دون رادع، في الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية!

وفي الضاحية الجنوبية يفرض غالبية أصحاب الاشتراكات تسعيرتهم الخاصة لاستهلاك الكهرباء والبدل الشهري الثابت، فضلاً عمّا بات يُعرف بـ«ضريبة الطاقة الشمسية»، إذ يُلزم المشترك المالك لألواح الطاقة الشمسية على دفع بدل مقطوع شهرياً في حال رغب في عدم قطع خط اشتراكه الكهربائي، ويحدّد البدل بالقيمة الثابتة زائد تكلفة استهلاك 20 كيلوواطاً من الكهرباء.

على سبيل المثال، حدّدت وزارة الطاقة التسعيرة الثابتة عن شهر تموز الماضي بـ685 ألف ليرة، و32790 ليرة بدل استهلاك كلّ كيلوواط، بينما يفرض أحد أصحاب الاشتراكات في منطقة الكفاءات مبلغ مليون و342 ألف ليرة بدلاً ثابتاً، أي زيادة بنسبة 96% على التسعيرة الرسمية، و50 ألف ليرة بدل استهلاك كلّ كيلوواط. كما يشير عدد من المشتركين في المنطقة لعدم قبول عدد من أصحاب المولدات الدفع بالليرة اللبنانية، إذ يضعون على أبواب مكاتبهم أوراق تقول «الدفع بالدولار».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى