نداء من الإمام الخامنئي إلى حجّاج بيت الله الحرام: لمواجهة الكارثة الإنسانيّة في غزة

أكد آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، في نداء إلى حجّاج بيت الله الحرام لمناسبة حلول موسم الحج للعام 1446 هجري، أن هذا هو الموسم الثاني للحج الذي يتزامن مع فجائع غزة وغربي آسيا، فقد أوصلت العصابة الصهيونية الإجرامية الحاكمة في فلسطين مأساة غزة إلى مستوى يفوق التصوّر، بقسوة مروّعة ووحشية وشر لا نظير لهما. واليوم، يُقتل الأطفال الفلسطينيون، ليس بالقنابل والرصاص والصواريخ فحسب، أيضًا بالعطش والجوع، وتتزايد يومًا بعد يوم أعداد العائلات الثكلى التي فقدت أحباءها من الشباب والآباء والأمهات، وسأل: “من الذي ينبغي أن ينهض لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية؟”.
في هذا السياق، شدد سماحته على أن الحكومات الإسلامية هي المعنيّة الأولى بأداء هذا الواجب، وعلى الشعوب أن تمارس دورها في مطالبة حكوماتها بالعمل به، مع قد يكون بين هذه الحكومات من اختلافات في وجهات النظر السياسية في قضايا متعددة، إلا أن ذلك ينبغي ألّا يحول دون اتفاقها وتعاونها في قضية غزة المأساوية، والدفاع عن التجمّع البشري الأكثر مظلوميّةً في عالمنا المعاصر.
أضاف سماحته: “يجب على الحكومات المسلمة أن تسدّ كل سبل الدعم للكيان الصهيوني، وأن تقطع يد المجرم عن مواصلة سلوكه الوحشي في غزة”، مردفًا أن أميركا شريك حتمي في جرائم الكيان الصهيوني، لذلك يجب على المرتبطين بها في هذه المنطقة، وغيرها من المناطق الإسلامية، أن ينصتوا إلى نداء القرآن الكريم بشأن الدفاع عن المظلوم، وأن يُجبروا الإدارة الأميركية المستكبرة على وقف هذا السلوك الظالم، مشيرًا إلى إن شعيرة البراءة في الحج هي خطوة في هذا الاتجاه.
يتابع: “لقد وضعت مقاومة أهالي غزة المُدهشة قضية فلسطين في صدارة اهتمام العالم الإسلامي وجميع أحرار العالم، ويجب استغلال هذه الفرصة والمسارعة في نصرة هذا الشعب المظلوم”. ورأى أنه: “على الرغم من مساعي المستكبرين وداعمي الكيان الصهيوني لطي قضية فلسطين وإيداع ذكرها غياهب النسيان، إلا أن الطبيعة الشريرة لقادة هذا الكيان ولسياستهم الحمقاء قد أفرزت وضعًا جعل اسم فلسطين اليوم أكثر تألقًا من أي زمن مضى، والاشمئزاز العام من الصهاينة وداعميهم يزداد عن أي وقت سبق، وهذه فرصة مهمة للعالم الإسلامي”.
ولفت سماحته إلى أن: “على المتحدثين وذوي المكانة الاجتماعية أن يرفعوا من وعي الشعوب وتفاعلها، وأن يوسعوا من نطاق المطالبة المتعلقة بفلسطين. وأنتم أيها الحجاج السعداء، لا تَغْفلوا، في مناسك الحج، عن فرصة الدعاء والاستعانة بالله المتعالي واسألوا الله النصر على الصهاينة الظالمين وداعميهم”.
وكان الإمام الخامنئي قد قال إن: “الحج منية المؤمنين، وعيد المشتاقين، ورزق السعداء الروحاني، وإذا اقترن بمعرفة عمق مكنوناته، فهو علاج الآلام الرئيسة للأمة الإسلامية، وللبشرية جمعاء”. وأكد أن: “سفر الحج ليس كسائر الأسفار التي تُقصد للتجارة أو السياحة أو شتّى الأهداف الأخرى التي قد يتخللها أحيانًا عبادة أو عمل صالح؛ إنّه تمرين على الهجرة من الحياة المعتادة إلى الحياة المنشودة. وهي الحياة التوحيدية التي تتضمن مكونات أساسيّة ودائمة مثل: الطواف الدائم حول محور الحق، والسعي الدؤوب بين القمم الصعبة، والرجم الدائم للشيطان الشرير، والوقوف الممزوج بالذكر والابتهال، وإطعام المسكين وابن السبيل، والمساواة بين البشر بصرف النظر عن اللون والعرق واللغة والجغرافيا، والاستعداد في كل الأحوال للخدمة واللجوء إلى الله ورفع راية الدفاع عن الحق”.
وأشار إلى أن شعيرة الحج تجمع في طياتها أمثلة رمزية لهذه الحياة، وتُعرّف الحجيج بها وتدعوهم إليها، وينبغي أن تجد هذه الدعوة آذانًا مُصغية، وأن تنفتح لها القلوب والأبصار، ظاهرًا وباطنًا. وعلينا أن نتعلم هذه الدروس، ونرشخ عزمنا على تطبيقها، مردفًا: “بوسع كل إنسان أن يخطو خطوة في هذا الطريق بقدر استطاعته، غير أن العلماء والمثقفين وذوي المناصب السياسية والمواقع الاجتماعية تقع على عاتقهم مسؤولية أكبر ممن سواهم، إن العالم الإسلامي اليوم أحوج ما يكون إلى تطبيق هذه الدروس”.