رسالة تعزية من الْمَرْجَع الرُّوحِيّ الشَّيْخ أَبُو يُوسُف أَمين الصَّايِغ الى أبناءِ طائفةِ الموحدين الدُّروز في سوريا

رسالة تعزية من المرجع الروحي الأعلى لطائفة المسلمين الموحدين الدروز الشيخ الجليل ابو يوسف امين الصايغ بشهداء السويداء والاشرفية وجرمانا وصحنايا والتي القيت في موقف سمارة في السويداء بمناسبة تأبين شهدائنا الابرار القاها الشيخ محمد كيوان، وجاء فيها ما يلي:
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
سبحان الله الحيّ القيّوم، القادر القاهر لا غيره، والحمد لله الحافظ قلوب الأخيار من الموت، ولا حول ولا قوة إلّا به، هو النصير للمستضعفين في أرضه، والمنتقم للمظلومين من أوليائه. وتعالى الله ذو الجلال والإكرام، حكم فعدل، وقدَّر فتلطَّف، ورأف فكفى: “وَلِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ، وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ، يَنصُرُ مَن يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.” والصلاة والسلام على سيِّد المرسلين، سيِّد الأوَّلين والآخرين، المصطفى، المبعوث بالإسلام رحمةً للعالمين، الرسول الأمين، الذي هدى إلى سبيل ربه بالعلم والحكمة والخُلُق العظيم.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ.” ونِعْمَ المجاهدين والصابرين كنتم وما زلتم، ونِعْمَ الأخبار اليوم أخباركم؛ مرابطين على الحقِّ، قائمين بسيف التوكل بفرض الذَّود عن الأرض والعرض، واثقين بوعد الله العدل، أن خير درعٍ الإيمانُ الصحيح والتقوى، وخير عاصمٍ حسنُ المعاملة وكفّ الأذى؛ فلا تعتدون على أحد، ولا تقبلون التعدي عليكم من أحد: “كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ، فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا.”
مشايخنا وإخواننا وأخواتنا في جبل العرب ودمشق الأعزاء، أهل الكرم والكرامة والنخوة والشهامة، الممتحنون المجاهدون الصابرون، ضيمكم ضيمنا، وجرحكم جرحنا، وفقيدكم فقيدنا، وأعراضكم أعراضنا، وكرامتكم كرامتنا. وحيث قصرت الأيدي عن نصرتكم، فلم تقصِّر القلوب الحسيرة عن التضرع والتوسل لكم، إلى من لا تخفى عليه خافية، ولا تعظم على قدرته قدرة، وهذا أضعف الإيمان. ونعزي أنفسنا ونعزيكم بالشهداء الأبرار من أبناء السويداء وجرمانا وصحنايا والأشرفيّة، الذين سطّروا بإقدامهم وغيرتهم وشجاعتهم فصولًا جديدة مشرقة من كتاب ملاحم آبائهم وأجدادهم، التي شرفوا بها تاريخ أمَّتهم ووطنهم. ونسأل الله تعالى أن يتغمّد المجاهدين المؤمنين بالرَّحمة والرضوان، ويُلهم أهلهم ومحبيهم الصَّبر والسُّلوان. “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ” لا محالة، وليس كل نفس ذائقة الموت كمثلهم، بكرامة.
الحمد لله حمدًا كثيرًا على ما خصَّ به المؤمنين من شرف الهداية وعزّ الطاعة. وقد بُشِّر المجاهدون الأخيارُ في كتاب الله، بأن بحسن ولائهم للحق، وصحيح توكُّلهم عليه، ينصرهم جبّار الأرض والسماوات، ويُشفي صدور قومٍ مؤمنين. “فلا تخافوا كثرة أعداد المُعتدين، ولا تجزعوا من شدَّة بطش البغاة الظَّالمين، ولا تطلبوا عون العبيد، فالله “أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ، وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا، وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا.”
نسأل الله ذا الجلال والإكرام، أن يمنَّ علينا وعليكم بالثَّبات على الحقِّ، وأن يُلهمنا وإيَّاكم الحكمة والسَّداد، وجمع الشَّمل والتعاضد، والاتِّفاق على الرأي الصَّواب، وأن يكتب السَّلامة للمجاهدين المرابطين، ويُنصرهم على الظالمين المعتدين. ونسأله برأفته ورحمته أن يحمي أهلنا في جبل العرب ودمشق وإقليم البلّان وجبل السّماق الأعزاء من كلِّ سوء، وأن يُلهمنا وإيَّاكم تجديد حسن الولاء والاعتقاد، والمبادرة إلى الخيرات، وأن يعفو عمَّا فرَّطنا في جنبه، ويمنّ علينا وعليكم بحسن الخاتمة والمآب، إنه الغفور الرحيم.
الجمعة – 12 ذو القِعدة 1446 هـ – 9 أيار 2025 م