الحكـومة على طريق الإصلاحات… جابر لـ”الجمهورية”: إعادة تدريجية لأموال المودعين
الجمهورية

واضح أنّ الحكومة تحاول أن تعجّل خطواتها في ما سمّته مسار الإنقاذ، ونظراً للتراكمات المزمنة، لا يختلف اثنان على صعوبة مهمّتها. المواطن اللبناني يرصد حركتها وينتظر ترجمة الوعود الحكومية التي قُطِعت. والعهد الرئاسي يراهن على إنجازات في مجالات مختلفة، ويُعوّل على تمكّن هذه الحكومة من تحقيقها سريعاً، والحكومة كما يبدو تملك إراداة العمل والانتاج، لكنّها تفتقر إلى الإمكانات والقدرات (خصوصاً في مجال إعادة الإعمار) التي يُقال إنّها مرهونة بشروط أبعد إصلاحات.
أتمّت الحكومة تعيين قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، ويُرجّح أن تُعيّن حاكماً لمصرف لبنان في جلسة مجلس الوزراء الخميس، على أن تكرّ سبحة التعيينات الإدارية الأخرى في وقت لاحق، وفق آلية لهذه التعيينات شرع مجلس الوزراء في البحث فيها في جلسة مجلس الوزراء أمس، على أن تقَرّ بصورة نهائية في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس.
لا بُدّ من آلية
أوضح مصدر وزاري لـ«الجمهورية» أنّ «آلية التعيينات مطلوبة منذ زمن طويل، ولو تمّ العمل فيها سابقاً لما وصل حال الإدارة إلى ما وصلت إليه من اهتراء وفساد»، ولفت إلى «أنّ جوهر الآلية خلاصته تُمكِّن الحكومة من تحقيق «تعيينات عادلة»، أساسها الأكفأ، الأكثر خبرة وجدارة، الأنظف سمعة ونزاهة، وصاحب الجعبة الخالية من الارتكابات، في المكان الوظيفي المناسب، لكن ليس المطلوب الاكتفاء بإقرار آلية تعيينات بل لعلّ ما يفوق إقرار الآلية على أهمّيته الكبرى، هو حسن تطبيقها بصورة سليمة ونظيفة بعيداً من المحاصصات والمداخلات والمحسوبيات. هنا يَكمن الامتحان الصعب، والكرة في هذا المجال هي ملعب السياسيِّين وعدم إخضاع التعيينات إلى مداخلات».
جابر: تعجيل الإصلاحات
وقال وزير المال ياسين جابر لـ«الجمهورية»، إنّ «مجموعة أولويات متعدّدة الجوانب المالية والاقتصادية ماثلة تُشكّل بوصلة العمل الحكومي، ووزارة المالية مجنّدة بكل طاقاتها للقيام بالدور المطلوب منها لبلوغ الغاية المرجوّة ووضع لبنان على سكة الإنقاذ والتعافي الحقيقي المالي والاقتصادي».
على أنّ الإنقاذ والتعافي كما يقول جابر، شرطهما الأساسيان توفّر الإرادة الصادقة والجريئة وتضافر الجهود وصولاً إلى الإصلاحات المنشودة، ومكافحة الفساد، والحكومة عازمة على ذلك لإدراكها أنّ لا إنقاذ من دون الإصلاحات التي تشكّل بلا أدنى شك العلاج المنتظر لإنقاذ لبنان من أزمته المالية والاقتصادية الخانقة.
وإذ رجّح جابر تعيين حاكم لمصرف لبنان قبل نهاية شهر آذار الجاري، لفت إلى مجموعة الأولويات الإصلاحية، ولاسيما الإصلاحات الهيكلية، لمجموعة قطاعات حيوية مثل الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، ما يوجب تعيين الهيئات الناظمة لهذه القطاعات، وعلى خطٍ مواز، تفعيل القوانين الإصلاحية الموجودة أصلاً ولم تُطبَّق، ولا ينقصها سوى إصدار مراسيمها التطبيقية، وكذلك تحسين الجباية الضريبية ورقمنة وزارة المالية، ومعالجة أزمة سعر الصرف والدين العام، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية، بالإضافة إلى تفعيل الشراكة بين القطاعَين العام والخاص.
ورداً على سؤال، أكّد جابر أنّ لا مسّ بأموال المودعين باعتبارها حقاً أكيداً لهم، وبالتالي لا بُدّ من إعادتها إليهم، نافياً في الوقت عينه ما يُشاع من هنا وهناك عن إلغاء لهذه الودائع، وطمأن المودعين قائلاً: «لا شطب أو تصفير للودائع، بل ستُستعاد هذه الودائع بصورة تدريجية وفق آلية منظّمة تحدِّد ذلك، وبطبيعة الحال فإنّ الأولوية ستكون لصغار المودعين، على أن يلي ذلك في مرحلة لاحقة توسيع نطاق إعادة الأموال وفق جدول زمني محدّد، والدور الأساس في هذا الأمر سيكون لحاكم مصرف لبنان الذي يُنتظَر تعيينه، في تقييم وضع القطاع المصرفي واقتراح آلية الحل المناسبة لإنهاء أزمة المودعين».
وعن الحضور اللافت للمؤسسات المالية الدولية في لبنان في الفترة الأخيرة، أشار جابر إلى محادثات إيجابية جداً مع وفد صندوق النقد الدولي، وكذلك إلى المفاوضات التي أجرتها الحكومة مع البنك الدولي، ونجحت في تأمين تمويل بقيمة مليار دولار لإعادة إعمار البنى التحتية، وهناك أمل في أن يفضي المؤتمر المزمع عقده في باريس لدعم لبنان إلى إيجابيات ملموسة للبنان. كل ذلك مهمّ جداً، إلّا أنّ الأهم في رأيي هو إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي بحسن تطبيق الإجراءات والخطوات الإصلاحية التي نُثبِت من خلالها للعالم أنّ هناك تغييراً جوهرياً قد بدأ في لبنان. وهذا هو المسار الطبيعي والإلزامي لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بنا».
وحول الموازنة أكّد جابر: «الحكومة أصدرت مشروع موازنة 2025 بمرسوم، لهدف أساسي وهو ضمان الانتظام المالي، وهو أمر ضروري في المرحلة الحالية، فيما تركيز وزارة المالية منصَبّ بصورة أساسية على إعداد مشروع موازنة العام 2026 يراعي الضرورات والمتطلبات والأولويات، وإحالتها ضمن المهلة القانونية إلى مجلس النواب».