أحداث الشمال السوري تهدّد لبنان.. ومشاورات عاجلة في مجلس الأمن

كتبت صحيفة “الجمهورية”: كان الاهتمام منصبّاً داخلياً على ملف التعيينات الامنية والادارية وعلى الوضع في الجنوب بتطوراته المتمثلة باستمرار الخرق الإسرائيلي لوقف اطلاق النار وعدم استكمال الانسحاب الى الحدود، لكنه تحول بين ليلة وضحاها الى الشمال السوري الذي يشهد ما يشبه التطهير العرقي على يد قوى النظام، بذريعة ملاحقة “فلول النظام” السابق، ما ادّى حتى الامس الى سقوط أكثر من 1000 قتيل غالبيتهم الساحقة من المدنيين العلويين ومن طوائف اخرى، وحصول موجة نزوح جديدة في اتجاه شمال لبنان ومناطق اخرى، وسط مخاوف من امتداد شرارة ما يجري الى الاراضي اللبنانية نظراً للوضع الامني الهش السائد على الحدود اللبنانية ـ السورية.
فيما كانت أنظار المسؤولين اللبنانيين تتركّز على تنظيم حملة ديبلوماسية مكثفة بهدف دفع إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها التي تصاعدت كماً ونوعاً، تحول الاهتمام في اليومين الماضيين إلى الأحداث التي شهدتها محافظتا طرطوس واللاذقية في الساحل السوري، والتي تخللتها حالة من التوتر الشديد تتخذ طابعاً سياسياً وطائفياً. ويتأثر لبنان بهذه الأحداث من خلال الزخم الذي تشهده حركة النزوح السوري من هذه المنطقة نحو لبنان. ولكن أيضاً بالاتهامات التي رماها بعض الموالين للحكم السوري الجديد لـ”حزب الله” بالتورط في هذه الأحداث إلى جانب من سمّوهم “فلول النظام السابق”.
وهذا الاتهام خطر جداً وفق مصادر سياسية بارزة، لأنّه قد يفتح لبنان على تطورات لا أحد يعرف ما يمكن أن تقود إليه في سوريا. ولذلك، سارع “الحزب” يوم السبت إلى الإعلان في بيان صادر عن مكتب العلاقات الإعلامية فيه، أنّ “بعض الجهات دأب على الزج باسم “حزب الله” في ما يجري من أحداث في سوريا، وعلى اتهامه بأنّه طرف في الصراع. وهو ينفي بشكل واضح وقاطع هذه الادعاءات، ويدعو وسائل الإعلام إلى توخي الدقة في نقل الأخبار وعدم الانجرار وراء حملات التضليل التي تخدم أهدافاً سياسية وأجندات خارجية مشبوهة”.
مجلس الأمن
وقد ارتفعت الأصوات الدولية المندّدة بالمجازر ضدّ المدنيين في الساحل السوري. فأعلن نائب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، انّ “سلطات روسيا والولايات المتحدة طالبتا بعقد مشاورات عاجلة ومغلقة لمجلس الأمن الدولي بسبب العنف الموجّه ضدّ المدنيين في غرب سوريا”. واشار الى “اننا نتوقع أن تخصص الرئاسة الدنماركية للمجلس وقتاً لها” في العاشرة صباح اليوم بتوقيت نيويورك.
ودان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو “مجازر تُرتكب بحق أقليات في سوريا”. وحضّ السلطات الانتقالية على محاسبة المسؤولين عنها. واشار في بيان، الى أنّ “الولايات المتحدة تدين الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بمن فيهم الجهاديون الأجانب الذين قتلوا الناس في غرب سوريا في الأيام الأخيرة”، لافتاً الى انّ “الولايات المتحدة تقف مع الأقليات الدينية والإتنية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية، وتقدّم تعازيها بالضحايا ولأسرهم”. وأضاف: “يجب على السلطات الانتقالية في سوريا محاسبة مرتكبي هذه المجازر بحق أقليات في سوريا”.
واكّد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، انّ “الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في سوريا غير مقبولة ويجب ضمان حماية السكان”.
موقف إسرائيلي
وفي اسرائيل نفى رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي تصريحات نُسبت إليه أمس عن تبعية الأردن وسوريا، وأنّ دمشق ستكون جسراً للوصول للفرات والعراق وكردستان”، لافتاً الى انّ “الفيديو مفبرك وأطالب بحذفه فوراً”.
وكان رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست أشار الى انّ “سوريا يجب أن تكون تابعة لنا تماماً مثل الأردن من دون قدرات عسكرية”، مؤكّداً اننا “لن نسمح بظهور قوة عسكرية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد”. ورأى أنّ “دمشق يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وسنضمن دخولها تحت سيطرتنا”، معتبراً أنّ “سوريا هي جسرنا للوصول إلى الفرات وسوف نصل إلى العراق وكردستان في المستقبل”، بحسب ما نقلت عنه قناة “الجزيرة”.
دول الجوار
وفي غضون ذلك، استضاف الأردن، امس، اجتماعاً لمجموعة دول جوار سوريا على مستوى وزراء الخارجية وقادة الجيوش ومديري المخابرات بمشاركة تركيا وسوريا والعراق ولبنان.
وفي ختام الاجتماع، دانت المجموعة “عدوان إسرائيل على سوريا ومحاولات تدخّلها في الشأن السوري”، مؤكّدة أنّ “العدوان الإسرائيلي على سوريا يشّكل خرقاً للقانون الدولي وتصعيداً يدفع لمزيد من الصراع”. وطالبت “مجلس الأمن بوقف عدوان إسرائيل على سوريا وضمان انسحابها من كل الأراضي السورية”. ودانت “كل المحاولات التي تستهدف أمن سوريا وسلمها وسيادتها”.
وقال وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي في مؤتمر صحافي مشترك، إنّ “أمن سوريا واستقرارها جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة”. واضاف: “الاجتماع أكّد الموقف الموحّد لمحاربة الإرهاب ومكافحة داعش، ندعم سوريا بما يحقق أمنها واستقرارها”. ولفت إلى أنّ “إسرائيل تحاول خلق حالة من الفوضى وذرائع لتحقيق أهدافها بالمنطقة”.
من جانبه، قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، “من المهم فتح حوار سوري يشمل جميع مكونات الشعب لتحقيق الاستقرار”. وتابع: “محاربة داعش تتطلّب دعماً إقليمياً ودولياً، واستقرار العراق ينبع من استقرار سوريا”.
وفي السياق، قال وزير الخارجية التركي حقّان فيدان، إنّ بلاده تدين سياسات إسرائيل التوسعية في سوريا. واضاف: “ندعم كل الخطوات لحفظ أرواح كل السوريين، يجب أن يبقى جميع مكونات الشعب السوري بعيداً عن إذكاء النعرات”. وأكمل وزير الخارجية التركي: “نواصل مكافحة تنظيم داعش. واجتماعنا وضع خطة تشمل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الإرهاب”.
أما وزير خارجية لبنان يوسف رجي فقال: “استقرار سوريا مهمّ لاستقرار لبنان، ولدينا ملفات لمعالجتها منها ترسيم الحدود وتهريب السلاح”. بدوره، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: “مستعدون للاستمرار في العمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمنطقة”. واضاف: “نحمي كل مكونات الشعب السوري ولا نميز بينها ولن نسمح بتكرار مآسي الشعب السوري”. واعتبر انّ “الحكومة السورية الجديدة هي الضامن للسلم الأهلي، لن نسمح لأي جهة أن تأخذ دور الدولة وكل من تورط في الانتهاكات سيحال للقضاء”.