خرج آلاف مقاتلي القسام محاطين بعشرات الألوف من المواطنين في قطاع غزة، معلنة نصرها بعد حرب امتدت لقرابة ستة عشر شهراً، وتحوّل تسليم الأسيرات الإسرائيليات للصليب الأحمر إلى احتفالية بالنصر الفلسطيني، تركت تداعيات داخل كيان الاحتلال بطرح السؤال الكبير: ماذا كان يفعل جيشنا خلال سنة وأكثر، ما دامت حماس تحتفظ بهذه القوة وتستطيع إخراجها بهذا التنظيم خلال ساعات؟
بالتوازي يستعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للدخول اليوم إلى البيت الأبيض رئيساً يطرح الأسئلة أكثر مما يقدّم الأجوبة، حيث إن تهديداته لحركة حماس بالجحيم رافقت مفاوضات الاتفاق الذي أنهى الحرب على غزة، ما لم يتم إنهاء ملف الأسرى قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض تحوّل إلى رواية تنسب لترامب الفضل في ولادة الاتفاق، وسط الحديث عن تهديدات وجّهها إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومثل موقعه من اتفاق غزة هناك التباسات تتصل بموقف من إيران، بين مَن يقول إنه يستعد للتصعيد بوجهها ومن يقول إنه يستعدّ لتوقيع الاتفاق حول ملفها النووي معها.
بين اتفاق غزة ودخول ترامب إلى البيت الأبيض أكثر من تقاطع التوقيت، حيث المنطقة تدخل مرحلة جديدة بعد نصر غزة الذي يتوّج حرباً ضارية خاضتها قوى المقاومة في المنطقة بوجه كيان الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية، وفيما تمر مئة يوم حتى يُخرج ترامب تفاصيل إدارته الجديدة ويكشف عن سياساتها، يخطو اتفاق غزة خطواته المحفوفة بالمخاطر نحو التطبيق، حيث الكيان كئيب ومرتبك والانقسام يهدّد بإشعال المواجهة بين مكوّناته، ما قد يغري المستوطنين المتطرفين بإشعال حرب مع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بديلاً عن مواجهة داخلية في الكيان، ونقطة التقاطع التي يجمع عليها المحللون هي أن الضفة الغربية سوف تكون الساحة التي تظهر فيها طبيعة المتغيرات المقبلة، خصوصاً أن الأسرى المحرّرين من سجون الاحتلال يمثلون في غالبيتهم إضافة هامة لبنية تنظيماتها ويحملون تاريخاً نضالياً في تشكيلات المقاومة.