لم تكد العاصمة القطرية الدوحة تخلع عباءة استضافة كأس العالم 2022، حتى ارتدت ثوب احتضان كأس آسيا 2023. بدءاً من الغد ومن الملعب الذي انتهت عليه بطولة كأس العالم، ملعب لوسيل، تنطلق المنافسات حيث سيتصارع 24 منتخباً على اللقب الأهم في القارة الأكبر. الانطلاقة ستكون قطرية ـ لبنانية بين صاحب الأرض ومنافسه في المجموعة الأولى، المنتخب اللبناني، عند الساعة 18.00 بتوقيت بيروت. يسبق المباراة وقبل ساعتين حفل الافتتاح الذي يحمل عنوان «القصة المفقودة من كتاب كليلة ودمنة».قد تكون الانطلاقة الحقيقية غداً، ولكن العمل على الاستضافة بدأ من اليوم التالي لانتهاء كأس العالم في 18 كانون الأول 2022.
يبدو كل شيء جاهزاً للاستضافة. تشعر كأنّ تنظيم كأس آسيا بالنسبة إلى المعنيين هو أشبه بـ«نزهة»، أو كما تقول العبارة الإنكليزية «قطعة حلوى». فمن استضاف كأس العالم بالشكل الذي ظهر عليه قبل عام، لا بدّ أن يكون تنظيم كأس آسيا بالنسبة إليه أمراً أقلّ سهولة بكثير. المراكز، الملاعب، الفاعليات، الأجهزة العاملة وكل ما يتعلّق بالبطولة جاهزٌ. لم يحتج القيّمون على الاستضافة أكثر من نفض بعض الغبار وتغيير في المواد الترويجية للبطولة من تعاويذ وشعارات وملصقات وغيرها… كل ما عدا ذلك على صعيد إجراءات وغيرها هو أشبه بنسخة كربونية عن كأس العالم. حلّت عائلة «سبوق» كتعويذة كأس آسيا بدلاً من «لعيب» تعويذة كأس العالم. وحلّت صور كأس آسيا التي سيرفعها البطل في العاشر من شباط المقبل على ملعب لوسيل أيضاً، بدلاً من صور كأس العالم. وانتشر شعار «هيا آسيا» في الشوارع والمجمعات والملاعب. الأجواء رائعة في الدوحة. هي لا ترتقي إلى الأجواء التي سادت قبل عام في كأس العالم، ولكن من الظلم المقارنة بين كأس العالم وكأس آسيا وقياس الأجواء بناءً على هذه المقارنة. ففي كأس العالم عدد المنتخبات أكبر بثلث العدد، كما أن جنسية المنتخبات التي تشارك مختلفة عن منتخبات آسيا، خصوصاً مع غياب منتخبات أميركا الجنوبية في الدرجة الأولى وأوروبا في الدرجة الثانية. فالجماهير اللاتينية كانت العلامة الفارقة في بطولة كأس العالم، واليوم يُتوقع أن تحضر جماهير اليابان والسعودية وقطر البلد المضيف بدلاً منها ولكن من الطبيعي ألّا تكون بالحجم والفاعلية عينها.
أيضاً الجماهير اللبنانية ستكون حاضرةً كما كان الحال في كأس العالم. بعضهم من المقيمين في قطر وعددهم كبير، والبعض الآخر وافدون من لبنان والدول العربية المجاورة. لكن هذه المرة الوضع مختلف. هم سيحضرون لمواكبة منتخبهم ومؤازرته الذي سيلعب في المجموعة الأولى مع قطر غداً ومع الصين في 17 الجاري ومع طاجيكستان في 22 منه، إذ سيسعى منتخب لبنان إلى انتزاع إحدى بطاقتَي التأهل عن المجموعة الأولى، أو احتلال مركز ثالث يؤهله أن يكون من ضمن أربعة منتخبات ستتأهّل إلى الدور السادس عشر كأفضل منتخبات احتلّت هذا المركز. هم سيكونون جزءاً من الحدث، معنيون به شأنهم شأن المنتخبات الـ23 الأخرى. وعليه تشعر أن رابطة المشجعين اللبنانيين في الدوحة في حالة تأهب لحشد أكبر عدد من الجمهور.
ما هو مريح بالنسبة إلى المنتخب اللبناني عدم وجود ضغوط عليه. فالجميع يعرف الظروف التي يمر بها، إذ يعتبر بعض المشجعين في حديثهم لـ«الأخبار» أنّ هؤلاء اللاعبين يأتون إلى الدوحة من رحم المعاناة على جميع الصعد.
أعداد كبيرة من الجماهير ستساند منتخب لبنان في الدوحة
المشكلة الأساسية للجمهور اللبناني هي بطاقات الدخول إلى المباراة الأولى. فهي ستكون مع منتخب قطر المضيف وبالتالي هناك صعوبة في الحصول على البطاقات بسبب كثافة الطلب عليها رغم أنّ سعة الملعب تصل إلى الثمانين ألف مشاهد.
مسألة بطاقات الدخول تعتبر من الأمور التي هي حديث الشارع الرياضي في الدوحة. فهناك إقبال كبير على شراء البطاقات عبر الموقع المحدّد لهذا الأمر. وقد ذكر مدير إدارة التسويق والاتصال في اللجنة المنظمة لكأس آسيا قطر 2023 حسن ربيعة الكواري في حديث تلفزيوني مع قناة الكأس القطرية أنّ عدد البطاقات حتى يوم أول من أمس بلغ 877 ألف بطاقة من أصل مليون ونصف المليون بطاقة متاحة للشراء. وقد أشار الكواري إلى أنّ الحصة الأكبر من بيع البطاقات كان لمباراتي الافتتاح والنهائي، إلى جانب مباريات منتخبات قطر والسعودية.
إذا هي ساعات قليلة وتنطلق البطولة الأضخم في قارة آسيا. بطولة ستبدأ من ملعب لوسيل وتنتهي من الملعب عينه الذي سيحتضن الافتتاح والنهائي فقط. أمنيات المنتخبات عدة، ومنها المنتخب اللبناني وجمهوره الذي يأمل أن يكون منتخب لبنان هو الوحيد الذي قد يلعب مرتين على ملعب لوسيل: في الافتتاح وفي النهائي. هو أمرٌ أشبه بالحلم أو يمكن ذكره من باب «الأمل»، ولكن في عالم كرة القدم لا شيء مستحيل. هو حلم كبير بالنسبة إلى لبنان أن يصل إلى النهائي في ظل حضور «أباطرة» اللعبة في آسيا، ولكن في ظل الظروف التي يمرّ بها لبنان قد يكون التأهّل إلى الدور الثاني أمراً جيداً تحضيراً لتصفيات كأس العالم 2026 التي هي الهدف الأهم لمنتخب «الأرز».