اخبار محليةالرئيسية

هل تبادر السعودية الى رأب الصدع بين ميقاتي والحريري؟

يؤكد السلوك السياسي للرئيس نجيب ميقاتي بأن ما قبل الانتخابات النيابية ليس كما بعدها، وأن الرجل ينطلق من مبادئ وطنية وثوابت سنية ومسلمات طرابلسية وشمالية يتعاطى على أساسها مع سائر الأطراف على الساحة اللبنانية.

منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية رسميا، والمؤتمر الصحافي الذي عقده في دارته في ميناء طرابلس، بدا أن ميقاتي عازم على ترجمة إنتصاره في هذا الاستحقاق الذي منحه كتلة من أربعة نواب، وأعطاه أعلى رقم تفضيلي في طائفته، كما أنه عازم على تفعيل حضور هذا الكتلة في الحياة السياسية من خلال مقاربتها كل القضايا مع الكتل والتكتلات النيابية الأخرى.

لا يخفى على أحد أن ميقاتي يسعى الى الحفاظ على خطه الوسطي والمعتدل ويعمل على تحصينه، خصوصا بعدما باتت شعاراته ومبادئه بمثابة حكمة وطنية لدى عهد الرئيس ميشال عون وحكومة الرئيس سعد الحريري، وهو يحرص على تحييد كتلة العزم عن الاصطفافات المحلية والاقليمية، ما يعني التعاطي مع كل الأطراف السياسية بكل ما يمكن أن يخدم  المصالح الوطنية العليا، ومصلحة طرابلس والشمال.

يشعر نجيب ميقاتي بعد الانتخابات النيابية، بأن الأرضية الصلبة التي كان يقف عليها قد تم تدعيمها وتحصينها أكثر فأكثر، ما يعطيه مزيدا من القوة في الدفاع عن طائفته ومواقعها وعن مدينته وحقوقها وخصوصيتها، وما يجعله قادرا على المواجهة السياسية بالتعاون والتنسيق مع مع من يريد من الكتل النيابية أن يعمل على بناء الدولة القوية العادلة، ومحاربة الفساد.

وقد ترجم ميقاتي ذلك بوضوح في محطتين أساسيتين خلال اليومين الماضيين، الأولى عندما أحجم عن الشراكة مع “التكتل اللبناني المستقل” الذي يسعى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى تشكيله، بعدما وجد أنه يتعارض مع خصوصية طرابلس بالدرجة الأولى، مع توجهاته بالدرجة الثانية حيث يتطلع الى أن تكون كتلة العزم مستقلة، وازنة سياسيا وفاعلة إنمائيا، حيث من المنتظر أن تتمثل الكتلة بوزير في الحكومة، وأن تتعاون سياسيا مع تيار المردة وغيره، وأن تتعاون مع كل النواب الذين يريدون خدمة مدينتهم بغض النظر عن الاختلافات السياسية.

 

أما المحطة الثانية فهي إعتذار الرئيس ميقاتي عن تلبية دعوة الوزير المفوض وليد البخاري الى حفل إفطار السفارة السعودية كونه يقام برعاية الرئيس سعد الحريري الذي لم يتوان خلال الحملة الانتخابية عن إستهداف ميقاتي بشكل مباشر، وقد أبلغ ميقاتي إعتذاره الى البخاري، وأكد له أنه لو كان الافطار برعاية السفارة لكان شارك فيه، ما يشير الى “عين حمراء” من ميقاتي تجاه الحريري، وأن محاولات الثاني إستهداف الأول لن تمر هذه المرة مرور الكرام، وبالتالي فإن التلاقي بين الرجلين لا يمكن أن يتم وفق قاعدة “تبويس اللحى”، وإنما على ثوابت وأسس معينة، سواء على الصعيد العلاقة بينهما، أو على صعيد رئاسة الحكومة خصوصا أن ميقاتي كان سجل عدة مآخذ على الحريري لجهة التفريط بصلاحياتها، وهو ما يزال يشدد في كل لقاءاته على ضرورة الحفاظ على الموقع السني الأول وهيبته ورمزيته أيا يكن رئيس الحكومة.

لا شك في أن عدم مشاركة ميقاتي في الافطار السعودي، قد حمل رسالة واضحة الى الراعي الاقليمي للسنة في لبنان، بأن الأمور مع رئيس الحكومة “مش ماشي حالها” وان الجميع يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية ضمن الطائفة السنية، حيث لم يعد الحريري بمفرده في الساحة، بل إن ثلث عدد نواب السنة باتوا خارج سربه، فهل تبادر المملكة الى رأب الصدع بين ميقاتي والحريري؟ أم أن أمر الحريري لم يعد أولوية بالنسبة للسعودية؟.

في كل الأحوال ثمة لقاء قريب جدا بين الرئيسين الحريري وميقاتي بعد إنتهاء رئيس الجمهورية ميشال عون من مشاورات تكليف رئيس الحكومة، وذلك خلال الزيارات البروتوكولية التي يقوم بها الرئيس المكلف، وعندها ستظهر مؤشرات يمكن البناء عليها سلبا أم إيجابا!..

(غسان ريفي – سفير الشمال)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى