اخبار عربية ودولية

رسالة إلى قداسة البطريرك الأنطاكي يوحنا العاشر يازجي

بقلم: الشيخ مجدي نعيم

كنت أتمنى أن يكون قداسة البطريرك الأنطاكي مار يوحنا العاشر يازجي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، في استقباله لأبي محمد الجو”لا’ني في الكنيسة المريمية بدمشق أكثر حصافة وحَذاقةً وقدرةً على قراءة المشهد السياسي السوري خلال هذه المرحلة الصعبة والدقيقة والبالغة الخطورة التي تمر فيها سوريا.. انطلاقاً من قول المسيح عليه السلام لتلاميذه: “كونوا ودعاء كالحملان وحاذقين كالحيات”. وهنا سأخاطبك بصفتي مؤمناً موحداً من بني معروف، نشأ على محبة وتقدير مواقف قداسة البابا شنودة الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر، وعشق الراحل الكبير المناضل المطران هيلاريون كبوتشي رئيس أبرشية القدس للروم الكاثوليك، رحمهما الله، والاعتزاز بمواقف المطران عطا الله حنا والأب إلياس زحلاوي في مواقفهما المشرفة من القضية الفلسطينية والحفاظ على الأرض والعرض.
اسمح لي يا صاحب القداسة أن أقول لك بكلمات عاتب محب لك ولأهلنا أبناء الطوائف المسيحية في سوريا، الذين نعتز بأنهم الجوهرة في خاتم الماس، الذي لا قيمة له بدونها، بأن زيارة الجو”لا’ني شرف كبير لا يستحقه مع أمثاله من الذين ولغوا في الدم السوري، من مجازر الساحل السوري إلى السويداء إلى كنيسة مار إلياس، إلى التفجير’ات والاغتيالات والأعمال الوحشية الإر”هابية التي نفذتها بقايا القاعدة وجبهة النصر”ة وغيرها من التنظيمات الإر”هابية المتطر”فة التي عاثت إجراماً وإر”هاباً وسفكاً للدماء منذ انطلاق حرب الإر”هاب عام ٢٠١١ على الدولة الوطنية السورية وجيشها ومؤسساتها، على امتداد الجغرافيا السورية تحت غطاء ثورة الحرية والكرامة، ومنها اغتيال الأب الشهيد فادي حداد في ريف دمشق، والمطرانين البارزين في ريف حلب أحدهما شقيقكم، والأب فرانسيس فندرلوخت في حمص، والأب باولوس داليليو في الرقة، وغيرهم كثير مما لا يتسع المجال لذكره. فهل صدقت يا صاحب القداسة ما روجته الجزيرة والعربية وغيرها من القنوات من روايات لا أساس لها من الصحة عن وجود شقيقكم المطران في سجن عدرا؟!! أم استطاعت الوزيرة القديرة هند قبوات إقناع سيادتكم بأن الأفعى إذا غيرت جلدها تصبح مرهفة المشاعر والأحاسيس وتتخلى عن سمها؟!!
صاحب السيادة، أرجو أن تكون حذراً ولا تنطلي على سيادتكم مثل هذه الأكاذيب والافتراءات التي يسوقونها عبر صفحاتهم الصفراء بأنهم يحمون المسيحيين من خطر تهديدات د’ا”عش، وما أدراك ما د’ا”عش؟! ويحاولون ترويجها إلى دول العالم لقناعتهم بأن ذلك يحسن صورتهم أمام الاستخبا”رات الغربية التي صنعتهم..
صاحب السيادة: أتمنى أن تسأل مطران بصرى وحوران للروم الأرثوذكس والكهنة وأبناء رعيتك، كيف قام الإر”ها’بيون بذبح المواطن المسيحي ميشيل البيطار في منزله بقرية ريمة حازم في السويداء دون ذنب اقترفه؟ وبإمكانك أن تسأل المهندسة المحترمة هيام القطامي، حفيدة المجاهد الكبير عقلة بك القطامي نائب القائد العام للثورة السورية الكبرى رحمه الله، كيف استطاعت الخروج من السويداء وإنقاذ ابنتيها التوأم الطالبتين في كلية الطب البشري بجامعة دمشق خلال هجوم عصابات الجو”لا’ني وأتباعه من العشائر على السويداء؟!!
قال كليلة لأخيه دمنة في القصة الشهيرة: “أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”. هذا ما أرجو أن تعرفه جيداً، وكل ما يروجونه من قصص حول تهديدات د”ا’عش للمسيحيين وغيرهم ما هي إلا من فبركات الإر”ها’بيين في حكومة الجو”لا’ني، الذين كانوا بالأمس القريب يفجرون ويقتلون ويسرقون باسم الدين الذي هو منهم براء.
وكما يقول المثل الشعبي: “إذا سلمت من سعيد ما راح يجي حدا من بعيد، انتوا اطلعوا منها ونحن بألف خير من الله”. لذلك يحاول الجو”لا’ني الظهور في صورة بجانبكم، لأنه حتى لو التقى ترامب وبوتين وقادة العالم، فهذا في السياسة متغير غير ثابت، مثل لقاء تلميذ صغير بوزير المعارف أو التربية قد لا يتكرر ثانية في الحياة.
أما أن يلتقي مع غبطتكم، وأنت رمز للمحبة والسلام والإنسانية وتمثلون قيم الخير والجمال، فهذا رصيد له يحاول سرقته لصرفه في تحسين صورته البشعة التي لا يستطيع تغييرها أبداً…
في الختام اتذكر ما وَرَدَ في الكتاب المقدس:
١ “هَا إِنَّ يَدَ الرَّبِّ لَمْ تَقْصُرْ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، وَلَمْ تَثْقَلْ أُذُنُهُ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ.
٢ بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لَا يَسْمَعَ.
١٤ وَقَدِ ارْتَدَّ الْحَقُّ إِلَى الْوَرَاءِ، وَالْعَدْلُ يَقِفُ بَعِيدًا. لِأَنَّ الصِّدْقَ سَقَطَ فِي الشَّارِعِ، وَالِاسْتِقَامَةَ لَا تَسْتَطِيعُ الدُّخُولَ.
١٥ وَصَارَ الصِّدْقُ مَعْدُومًا، وَالْحَائِدُ عَنِ الشَّرِّ يُسْلَبُ. فَرَأَى الرَّبُّ وَسَاءَ فِي عَيْنَيْهِ أَنْ لَيْسَ عَدْلٌ”.
(إشعياء ٥٩: ١، ٢، ١٤، ١٥)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى