اخبار محليةالرئيسية

قانون الانتخاب: جعجع يقود «الثورة» على برّي

رلى إبراهيم - الأخبار

نجح حزب «القوات اللبنانية»، مجدّداً، في جرّ حلفائه إلى الحفرة نفسها، حيث يصدر سمير جعجع الأوامر من معراب، ويُنفّذها الباقون من دون اعتراض. وهو هذه المرة، عندما اشتمّ رائحة «تمرّد»، عمد إلى رفع العصا في وجه من يسمّون أنفسهم «معارضة»، فخيّرهم بين مقاطعة الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو توزيع صورهم ضمن «لائحة العار» التي عمّمتها «القوات» أمس، في حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وضمّت صور نواب مُرفقة بعبارة: «مشاركتكم خيانة»، مع وصفهم بـ«الخواريف لدى بري» وبافتقادهم لـ«الكرامة الوطنية».

الحملة التي قادها مسؤولو «القوات» تضمّنت تهديداً وترهيباً ووعيداً إذا ما سمح أيّ نائب لنفسه باتخاذ قرار مستقلّ، رغم أن جعجع تجاهل هؤلاء تماماً ولو بالشكل، فلم يدعُ مثلاً إلى اجتماع في معراب بهدف اتخاذ القرار بالإجماع. ورغم أن المقاطعة لا تحصل للمرة الأولى، إذ سبق أن توافق النواب، ومن بينهم كتلة «القوات»، قبل شهر على تطيير الجلسة التشريعية لعدم تضمّن جدول أعمالها اقتراح القانون المُعجّل المُكرّر القاضي بتعديل قانون الانتخاب وإلغاء الدائرة 16 منه، إلا أن جعجع أراد أمس أن يقدم كـ«قائد الثورة» على بري وحامي حقوق المغتربين. وعليه، يصبح حضور سامي الجميل أو سجيع عطية أو مارك ضو أو وضاح الصادق أو ميشال معوض أو غيرهم من عدمه مجرّد تفصيل. فعند الاستحقاق الجدّي ستظهر القوات كرأس حربة في هذه المعركة ولا جميل لأيّ من الأحزاب والأفراد الآخرين.

الحضور والمقاطعون
حتى مساء أمس، أعلن حزب الكتائب وكتلة «تحالف التغيير» (مارك ضو، وضاح الصادق وميشال دويهي)، والنواب أشرف ريفي ونعمة أفرام وجميل عبود وميشال معوض وفؤاد مخزومي، التزامهم بقرار القوات بمقاطعة الجلسة. فيما أكّد النواب بولا يعقوبيان وإبراهيم منيمنة وشربل مسعد وفراس حمدان وياسين ياسين عدم حضورهم للجلسة. إلا أنهم، وفق ما أوضحت النائبة بولا يعقوبيان لـ«الأخبار»، سيكونون داخل حرم المجلس وليس في الهيئة العامة، و«إذا تأمّن النصاب وقرّر بري عرض القانون المُعجّل المُكرّر المتعلّق بتعديل قانون الانتخاب في غيابنا للتصويت وإسقاط صفة العجلة عنه، فليس هناك ما يمنعه من ذلك، وسندخل لمراقبة عمل المجلس لأن لدينا ملاحظات كثيرة على عدد كبير من القوانين».

في المقابل، وللمفارقة، بدا أن صاحب الدعوة إلى الجلسة، أي رئيس المجلس نبيه بري، غير متحمّس لانعقادها، وهو أوعز إلى كل من زاره في اليومين الماضيين، في إطار مبادرة لجمع العدد الأكبر من النواب، بعدم الضغط على أي طرف وعدم محاولة تأمين النصاب، وترك الأمور تسير حسب رغبة كل كتلة.

ضغوط على كتلة «الاعتدال الوطني» أدّت إلى العودة عن قرارها بحضور الجلسة

وكان كلّ من التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي وتيار المردة قد حسموا حضورهم الجلسة، إلى جانب حركة أمل. وأشارت مصادر كتلة «الاعتدال الوطني» في ساعات بعد ظهر أمس إلى أن الكتلة «تركت حرية القرار لأعضائها، مع التأكيد على أن التشريع ضرورة لاستكمال جدول الأعمال السابق وإقرار القوانين بدل تركها معلّقة، مع الأخذ في الاعتبار أن الكتلة تؤيّد التصويت للمغتربين بالكامل». وبعدما أكّدت المصادر أن النواب أحمد الخير ووليد البعريني وسجيع عطية وأحمد رستم سيحضرون، مقابل مقاطعة كلّ من محمد سليمان وعبد العزيز الصمد، أبلغ الخير مساء أمس رئاسة المجلس باعتذار الكتلة عن عدم الحضور بعد اجتماع جديد انتهى إلى مخالفة القرار الأول، ما يشير إلى خضوع النواب لضغوط سياسية أدّت إلى تبدّل قرارهم «الحرّ».

أمّا كتلة «لبنان الجديد»، فأشارت مصادرها إلى أنها ستحضر بكامل أعضائها، وهم النواب عماد الحوت وحيدر ناصر وبلال الحشيمي، فيما سيتغيّب النائب نبيل بدر بداعي السفر، ولم يُعرف بعد ما إذا كانت الكتلة ستثبت على هذا القرار أم تلحق بكتلة «الاعتدال».
وكان بعض النواب السنّة قد أشاروا إلى تلميح رئيس الحكومة نواف سلام لهم بوجود مصلحة للحكومة في انعقاد الجلسة التشريعية، للبتّ في مشاريع القوانين والاقتراحات العالقة، وبعضها يحتاج إليه مجلس الوزراء.

من جهته، أصدر اللقاء النيابي المستقلّ، الذي يضم النواب إلياس بو صعب وإبراهيم كنعان وآلان عون وسيمون أبي رميا، بياناً أكّد فيه تمسّكه بالدور التشريعي لمجلس النواب وانتظام عمل المؤسسات، وقرّر ترك حرية الخيار لأعضائه. وأكّدت مصادر اللقاء حضور النواب للجلسة، باستثناء أبي رميا بداعي السفر.

كما أكّد بعض النواب المستقلّين، مثل جهاد الصمد وجميل السيد والياس جرادي، حضورهم، غير أن العدد الإجمالي للنواب غير المقاطعين لم يكن كافياً حتى مساء أمس لتأمين النصاب.

هل تقرّ الحكومة التعديلات على قانون الانتخاب؟
دعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى عقد جلسة غداً، على رأس جدول أعمالها بندان يتعلّقان بتعديل قانون الانتخاب. الأول مُقدّم من وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، والثاني أعدّه وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار.

واللافت أن مشروع رجّي يتضمن، إلى جانب طلب إلغاء الدائرة 16 والمقاعد الستة للاغتراب، تعديل المادة 84 من القانون المتعلّقة بالبطاقة الممغنطة، وهو الطلب نفسه المُدرج في مشروع القانون المُقدّم من الحجار.

وتشير مصادر وزارية إلى استياء وزير الداخلية من رجّي الذي لم يلتزم بحدود صلاحياته وآثر القفز فوق الداخلية في طلب إلغاء البطاقة الممغنطة، وهي من صلب مهام الحجار، وكذلك آلية اقتراع المغتربين. لذلك، تعمّد رئيس الحكومة تأجيل إدراج مشروع قانون رجّي لأسبوعين، إلى حين انتهاء الحجار من إعداد مشروعه وإعادة ترتيب الصلاحيات والأدوار.

وترجّح المصادر نفسها أن الحكومة ستقرّ المشروعين، لوجود أكثرية مؤيّدة للقانونين داخلها، وسط اعتراض وزراء حركة أمل وحزب الله. لكن ماذا بعد إقرار المشروعين؟

تشير مصادر مقرّبة من بري إلى أن الأخير يحتفظ بعدة خيارات:
1- تحويل مشاريع الحكومة إلى اللجنة النيابية الفرعية المختصّة بمناقشة قوانين الانتخاب برئاسة بو صعب.

2- إدراج اقتراحات قوانين النواب ومشاريع الوزراء بحسب أقدميتها على جدول أعمال الجلسة التشريعية، ما يجعل بعض الاقتراحات، مثل تعديل آلية الانتخاب وفق القانون الحالي بإضافة صوتين تفضيليين بدل صوت واحد، تتقدّم على القوانين الأخرى، إضافة إلى اقتراحات لتعديل توزيع الدوائر وتصغيرها وتعديلات أخرى.

وبحسب المصادر، تفرض هذه القوانين على رئيس المجلس فتح مسألة قانون الانتخابات على مصراعيها والانطلاق في إجراء تعديلات شاملة، وليس الاكتفاء بتعديل يلبّي مصالح فريق واحد. وهذا سيتطلب جلسات عديدة للنقاش في كل التعديلات، وربما الاستعاضة عن القانون الحالي بقانون أكثر عصرية، ما قد يسهم في تأجيل الانتخابات بسبب ضيق المهل.

3- في يد رئيس المجلس ورقة عدم الدعوة إلى جلسات تشريعية في حال تمّ تعطيل جلسة اليوم، وهو ما سيحول دون انعقاد أيّ جلسة مقبلة وبالتالي تعليق كل القوانين المتعلّقة بقانون الانتخاب إلى تاريخ مجهول.

ومن المهم الإشارة إلى أن قانون الموازنة يُناقش في لجنة المال والموازنة، وفور الانتهاء منه يُحوّل إلى الهيئة العامة للنقاش، ما يحوّل المجلس للتركيز على الموازنة حصراً دون أي بنود أخرى. ومن المُتوقّع أن يستغرق النقاش في الموازنة شهراً على الأقل، وربما تتم الإطالة عمداً، علماً أن آخر موعد لتسجيل المغتربين هو 20 تشرين الثاني، ويتوجّب على وزارة الداخلية دعوة الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر على الأقل من موعد الانتخابات، أي في شباط 2026.

وهذا ما يفسّر توتر «القوات اللبنانية» وسعيها إلى فرض تعديل القانون بشتى الطرق، طمعاً بتغيير نيابي في بعض الدوائر عبر أصوات المغتربين، والاستفادة من العقوبات والعقبات التي قد تحول دون تسجيل غالبية الناخبين المؤيّدين للفريق الخصم. كما يفسّر عدم حماسة بري لانعقاد الجلسة التشريعية، لعلمه أن المقاطعة تمنحه حجة لعدم الدعوة إلى جلسات أخرى، وأن الوقت يعمل لصالحه وحده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى