
عاد السجال الرئاسي ليطلّ برأسه هذه المرة من عين التينة. بعد اتهام الرئيس نبيه بري رئيس الحكومة نواف سلام بعدم القيام بأيّ شيء لمساعدة أبناء الجنوب والبقاع المتضرّرين من العدوان الإسرائيلي، ملوّحاً بعدم إقرار الموازنة ما لم تتضمّن بنوداً واضحة بشأن إعادة الإعمار. وقد استفزّ موقف بري رئيس الحكومة الذي ردّ متحدّثاً عن إنجازات لحكومته دون أن يفهم الناس عن ماذا يتحدّث!
وقد انشغلت الأوساط السياسية بما نُقل عن لسان الرئيس بري أمس، وفيه انتقاد لرئيس الحكومة من دون أن يسمّيه قائلاً: «هل يُعقل أن لا تقول الحكومة اللبنانية لأبناء القرى الحدودية في عيتا الشعب وكفركلا وحولا ويارين ومروحين والضهيرة وميس الجبل وبليدا والخيام ويارون ومارون الرأس وكل قرى الشريط المدمّرة، هؤلاء الذين عادوا لزراعة حقولهم وافترشوا منازلهم المدمّرة، أن لا تقول لهؤلاء مرحباً؟ للأسف وكأنّ الجنوب ليس من لبنان! المطلوب من الحكومة بكل وزاراتها أن تكون حاضرة أقلّه بالحد الأدنى، كي لا يشعر أبناء الجنوب العائدون بأن الجنوب ليس جزءاً من لبنان».
واعتبر بري أن «على الجميع أن يتصرف على أساس أن مصلحة لبنان قبل أي شيء، فلبنان أصغر من أن يُقسّم. إن الشعب اللبناني الذي احتضن بعضُه بعضاً خلال العدوان الإسرائيلي أثبت أنه أكثر وطنية من بعض سياسيّيه، فلا يجوز تحت أي وجه من الوجوه أن تربط الحكومة ملف إعادة الإعمار بأي أثمان سياسية».
وحول علاقته مع الرؤساء وسائر الجهات، قال بري: «علاقتي مع الجميع منيحة، أما علاقتي مع رئيس الجمهورية فممتازة». وأضاف مستغرباً: «معقول أن قضية صخرة الروشة أخذت ولا تزال تأخذ كل هذا الجدل أكثر مما أخذ ملف إعادة الإعمار من اهتمام»؟
وسارع رئيس الحكومة إلى الردّ على بري عبر منصة «إكس» قائلاً، إن «أول عمل قمت به مع عدد من زملائي الوزراء، وقبل مضي 48 ساعة على نيل حكومتنا الثقة، هو زيارة صور والخيام والنبطية، للوقوف على حال أهلنا في الجنوب والاستماع إليهم».
الشيباني إلى بيروت في زيارة بروتوكولية دون توقّع أيّ نتائج
وأورد سلام في ردّه كلاماً لا يستند إلى حقائق قوية، مكرّراً التذرّع بعدم وجود أموال لدعم إعادة الإعمار. وقال: «بغياب أي دعم خارجي لأسباب معروفة، وضمن إمكانات الدولة المحدودة، قدّمت وزارة الشؤون الاجتماعية مساعدة مالية شهرية لـ67 ألف عائلة متضرّرة من الحرب، وقدّمت بدل إيجار شهرياً لـ10 آلاف عائلة هُجّرت بسبب الحرب.
ناهيكم أن وزارات الاتصالات والأشغال والكهرباء باشرت الإصلاحات الضرورية لإعادة الخدمات إلى المناطق المتضررة. إضافة إلى ذلك، فقد كلّفنا مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة بالإسراع في أعمالهما وحوّلنا إليهما المبالغ المطلوبة منّا».
من جهة ثانية، يصل اليوم إلى بيروت وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، لإجراء محادثات مع عدد من المسؤولين. وعلمت «الأخبار» أن الشيباني سيلتقي رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وأنه سيبحث في ملفّين وحيدين هما «ترسيم الحدود بين البلدين وملف الموقوفين والعلاقات الدبلوماسية».
وتُعدّ الزيارة هي الأولى لمسؤول سياسي سوري منذ سقوط النظام، وتأتي في سياق إعادة فتح قنوات التواصل الرسمي بين بيروت ودمشق، وإعطاء التنسيق القائم طابعاً سياسياً. وفيما اعتبرت مصادر متابعة أن «المملكة العربية السعودية دفعت باتجاه هذه الزيارة كونها راعية التنسيق بين البلدين»، أشارت إلى أنها «تتويج لمسار الاتصالات والاجتماعات التقنية والأمنية التي حصلت وتركّزت حول ضبط الحدود ومكافحة التهريب وتسهيل بعض الإجراءات القنصلية»، علماً أن «اللقاءات لم تحرز التقدّم المطلوب ولم تؤدِّ إلى اختراقات كبيرة».
وكانت بيروت قد شهدت زيارتين لوفود أمنية وقضائية سورية، عقدت لقاءات للنقاش في ملف الموقوفين، بالإضافة إلى مسار الترسيم وتثبيت النقاط الخلافيّة تمهيداً لمعالجتها.