رياضة

الشارع العهداوي يضغط: لا يمكن شطب التاريخ والإرث

عبد القادر سعد - الاخبار

لم يستفق الشارع الكروي عامة والعهداوي خاصة من صدمة الكلام عن قرار بإقفال نادي العهد وشطب رخصته. لكنّ كثيرين بدأوا مرحلة الاستيعاب، ليس استيعاب القرار بل استيعاب هول القرار وتداعياته على جميع الصعد، فهل تكون هناك إعادة نظر؟

لم تمر 48 ساعة على بدء عملية إلغاء نادي العهد وتسريح العاملين فيه وفتح الباب أمام لاعبيه بالانتقال إلى أندية أخرى، حتى بدأت أصداء القرار الذي لم يُعلن عنه رسمياً بعد تتردّد بقوة في الشارع الكروي وتحديداً في بيئة نادي العهد وجمهوره. لا يصدّق العهداويون من مسؤولين وجمهور أن الجهات الراعية للنادي من الممكن أن تتخذ قراراً بهذا الحجم بـ”شطبة قلم” وبدم بارد بحسب وصف البعض.
لا يستوعب العهداويون أن النادي الذي عاشوا معه الخيبات والانتصارات، وقسم من جمهوره كان يدفع من جيبه الخاص كي يواكب فريقه ويخلق أجواء على المدرجات تواكب الإنجازات التي يحققها الفريق على أرض الملعب، أن ينتهي بين ليلة وضحاها.
اللافت أن الاستياء من القرار لم ينحصر بجمهور العهد، بل طاول قسماً كبيراً من المعنيين باللعبة والمتابعين لها من عقلانيين ومنطقيين بعيداً عن “شغل الفايسبوك” وشماتة الجماهير الأخرى وتزريكاتها.
«ع. ب.» متابع كروي نجماوي قديم ومتعصّب لفريقه ما زال حتى الآن غير مصدّق كيف يمكن أن يتم اتخاذ قرار بحجم شطب نادي العهد. “م. أ.” أيضاً نجماوي عتيق ومغترب يتحدث عن مدى فداحة الخطأ، في حال اتخاذ مثل هذا القرار متمنّياً أن يتم التراجع عنه.
إذا كان حال عدد من النجماويين هكذا، فكيف الحال لدى جمهور العهد؟ مرور بسيط على مواقع التواصل الاجتماعي يكشف مدى الحسرة وخيبة الأمل من القرار، ووجود عتب كبير على المرجعية التي اتخذته مع استمرار الأمل بأن يتم التراجع عنه.
الرفض للقرار لا يقف عند حدود الجمهور، فحين يكتب مدير نادي العهد محمد شرّي على صفحته على الفايسبوك: «ما تموت قبل ما يجيك الموت. تحت هيدي القاعدة لازم الكل يعمل ويشتغل. إذا أنت وقاعد لحالك ممكن تحس إنو إذا حكيت حالك ممكن يتغير الوضع إحكي حالك. إفعل ما بوسعك حتى يقضي أمر الله»، فهذا يعني أن هناك شيئاً يحصل.
في مكان آخر يكتب المسؤول الإعلامي في نادي العهد الزميل يوسف يونس وأيضاً على صفحته على الفايسبوك: «كنا ندعي الناس لدعم الفريق قبل ما يسافر ليرفع راية لبنان، صرنا ندعي الناس لتوقف مع الفريق حتى ما تختفي الراية. شو ما كانت النتائج المتوقعة، على الأقل منعمل اللي علينا. مش وقت الوداع هلق، بلكي فينا نعمل شي». كلام مرفق بصورة لجمهور العهد مع دعوة لحضور تجمّع على ملعب العهد اليوم السبت عند الساعة السادسة والنصف مساء.

حتى عصر يوم الجمعة لم يكن قد صدر قرار رسمي بعد بحلّ النادي

هما مسؤولان كبيران في النادي ومن المفترض أن يلتزما بأي قرار يخرج عن النادي، لكن رغم ذلك يدعوان الجمهور للتحرّك. ليس من باب التحريض والعصيان لكن من باب الدعوة إلى دق ناقوس الخطر لمن يعنيهم الأمر بضرورة إعادة التفكير بقرار شطب نادي العهد.
كلام المسؤولين في العهد لا يختلف في سياقه عن كلام عدد من المسؤولين في اللعبة على صعيد عدم فهم كيفية اتخاذ مثل هكذا قرار.
يقول أحد المسؤولين إنه لا يمكن لأي مرجعية مهما كانت درجة الاحترام والتقدير لها أن تلغي تاريخ وإرث بدم بارد: «التاريخ ليس بالسنين بل بالإنجازات. والإرث لا يمكن شطبه بقرار واحد. نادي العهد هو أحد المرافق أو المؤسسات العديدة التي تملكها المرجعية، فهل إذا ما كان هناك خطأ ما في إحدى هذه المؤسسات يتم نسفها. فهناك مستشفيات كبيرة للمرجعية، هل إذا أخطأ مدير المستشفى يتم إغلاقها أو تتم معالجة الخطأ أو تخطيه أو البحث عن بدائل؟».
كلام المسؤول يفتح الباب حول نقاش ما إذا كان ما حدث في الشهر الماضي يبرّر اتخاذ قرار بحجم إلغاء نادي العهد.
يقول أحد المقربين من نادي العهد والمتابع لتفاصيل ما حدث: «دعنا نتحدث بالأمور كما هي بعيداً عن المواربة. إذا أخطأ رئيس النادي في مكان ما نتيجة لحسابات خاطئة أو سوء تقدير أو نصائح ساذجة من مقربين منه، هل يكون الحل بنسف النادي؟ هناك دائماً مكان للعودة، وإذا صعد أحدهم على الشجرة، فمن الممكن للمرجعية الحكيمة أن تجد من يضع له سلّماً كي ينزل، لا أن يتم قطع الشجرة وتدمير الهيكل».
القصة لا تقف عند هذه الحدود، فهناك الأهم: مشاعر الناس، مشاعر جمهور هذا النادي ومحبيه. مشاعر من ترك أندية أخرى وأصبح يشجع العهد. مشاعر جيل بأكمله بدأ مشواره الكروي كجمهور مع نادي العهد وأصبح من مشجعيه دون أن يكون قد شجّع أي فريق آخر قبل ذلك. هناك من تشكّل وعيه الكروي على نادي العهد وإنجازاته فأصبح من مشجعيه. فهل يعقل أن يتم تجاهل مشاعر كل هؤلاء ويتم طوي صفحة النادي وإنجازاته وبطولاته بهذه الطريقة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى