الأمين حافظ الصايغ عصيّ على الغياب
بقلم الأمين معن حمية - عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي
رحل الأمين حافظ الصايغ، أحد أبرز القياديّين في الحزب السوري القومي الاجتماعي الذين تنكّبوا مشاقّ النضال القومي، وارتبطت أسماؤهم بمسيرة الحزب الحافلة بمحطات النضال ووقفات العز، وسكنوا وجدان القوميين وذاكرة الحزب والنهضة وحفروا أسماءهم في تاريخ الأمة وسجل كفاحها الأثير نحو الانتصار والتحرير.
الأمين الصايغ من رجالات النهضة المخضرمين، الذين خاضوا معترك النضال بعزة وإباء، مُسجلاً على امتداد مسيرته الحزبية حضوراً فاعلاً ومؤثراً ومتميّزاً، داخل حزبه وفي متحده وفي عمله الوظيفيّ وعبر عطائه التربويّ المديد، وفي معركة الدفاع عن الأمة والوطن وانتصار مفاهيم النهضة والتشبّث بخيار المقاومة. وما يميّز هؤلاء الرجال أنهم كلما كبر حجم المعاناة والتحديات تعاظم إيمانهم وتفولذت إرادتهم وقويَ إيمانهم بخوض غمار المواجهة، وهي مواجهة مفتوحة ومستمرّة على المستويات كافة وفي مياين الصراع القومي كلها.
خمسة وستون عاماً، وهذا المحارب القومي الذي لم يضعف له عزم ولم تهن له إرادة، ثابت على مبادئه، عميق في إيمانه وفهمه، ومثله لا يستريح ما دام في قلبه نبض وفي نفسه إرادة لا تنكسر وعزيمة لا تلين. لقد كان متقدّماً في نشر الفكر والعقيدة، شديد الوضوح في التعبير عن مواقف الحزب، وبمناقبيته والتزامه وثباته وجهاده، حجز مكانة خاصة في نفوس القوميين وأبناء شعبنا.
تصدّر المشهد الحزبي والوطني على مدى خمسة عقود من الزمن، رفيقاً معطاءً وأميناً مؤتمناً ومسؤولاً رصيناً، وخطيباً مفوّهاً وكاتباً متمرّساً وعقلاً وازناً ومثالاً يُحتذى. في رصيده إلى جانب نضاله الحزبي الدؤوب بذلاً وتضحية، مئات الخطب والدراسات والمحاضرات والندوات في الشأن العقائديّ وفي الشأنين السياسي والوطني. ما حاد قيد أنملة عن قواعد الصراع ومرتكزاته، وعن جوهر العقيدة القومية وتعاليم باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية المعلم القدوة أنطون سعاده.
رحل الأمين الحبيب حافظ الصايغ، وفلسطين كلها، وخصوصاً قطاع غزة، تنزف دماً من جراء الجرائم الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا. ففلسطين كانت بوصلته، وهو المؤمن بحتمية تحريرها وزوال كيان الاغتصاب الصهيوني، ذلك، لأن المسألة الفلسطينية هي جوهر القضية القومية، ومحور حركة الصراع القومي.
رحل الأمين العزيز حافظ الصايغ، فيما لبنان والشام يتعرّضان لعدوان صهيوني متواصل، لكنه رحل وهو مطمئن، لأنه خبر كلّ محطات انتصار لبنان على العدو الصهيوني ووأد مشاريع التقسيم والتفتيت الطائفية والمذهبية، وشهد انتصار الشام على الإرهاب ورعاته، وآمن بأنّ المقاومة التي شكل حزبنا طليعتها، والتي كان يمجّدها على المنابر، هي اليوم أقوى وأصلب وتقدّم الشهيد تلو الشهيد في معركة الوجود والمصير.
برحيل الأمين حافظ الصايغ سنفتقد مناضلاً فذاً نذر حياته، صراعاً وجهاداً من أجل انتصار الحزب وقضيته، رحل جسداً لكنه سيظلّ حاضراً في ذاكرة الحزب والنهضة عصياً على الغياب… فالسلام لروحه والبقاء للأمة.