مشعل الأحمد الصباح أميراً للكويت.. وحبس انفاس ترقباً لتعيين ولي العهد
قدّمت الحكومة الكويتية استقالتها لأمير البلاد الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح بعد وقت قصير من أدائه اليمين أمام مجلس الأمة في كلمة وجه خلالها انتقادات حادة للسلطتين التشريعية والتنفيذية. ويرث الشيخ مشعل دولة شهدت تشكيل خمس حكومات خلال سنة واحدة وتنظيم ثلاث انتخابات برلمانية في ثلاث سنوات. وبذلك، صار الأمير السابع عشر للكويت خلفاً لأخيه الأمير نواف الذي توفى السبت الماضي عن 86 عاماً. ويتولى الشيخ مشعل السلطة عن عمر يناهز 83 عاماً بعدما شغل مناصب رفيعة في أجهزة الأمن والدفاع الكويتية. ثم تولى ولاية عهد الأمير الراحل.
ولم يتردد الشيخ مشعل في خطابه في انتقاد الوزراء والنواب، وقال: «لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية على الإضرار بمصالح البلاد والعباد. لهذا جاء قرارنا بوقف جزء من هذا العبث».
وتعاني الكويت من المواجهات المستمرة بين النواب المنتخبين ووزراء الحكومة التي يعيّن الأمير رئيس وزرائها. وتمسك أسرة الصباح بزمام الحياة السياسية، على الرغم من النظام البرلماني المعمول به منذ عام 1962. وحال التعثر السياسي دون إقرار الإصلاحات الضرورية لتنويع الاقتصاد واصلاح الإدارة العامة ومحاربة الفساد وإطلاق المشاريع التنموية، بحيث أصبحت الكويت متأخرة مقارنة بالدول الخليجية الأخرى.
وأكدت مصادر مطّلعة أنّ خطاب الأمير الجديد يحمل في طياته مخططاً للقطيعة مع المرحلة الماضية التي اتسمت بالتراخي، حسب المراقبين. وشهدت تلك المرحلة عودة الشيخ أحمد الفهد الصباح (ابن أخ الأمير) الى تأدية دور بعدما كان خارج السلطة لأكثر من 12 عاماً، إثر خلافات حادة آنذاك مع ابن عمه ناصر المحمد الأحمد الصباح الذي كان يتولى رئاسة الوزراء، وخرج منها بعد فضيحة رُشى قدمت الى نواب في سياق الصراع بين أفراد الأسرة الحاكمة.
وتحبس الكويت انفاسها اليوم ترقباً لتعيين ولي العهد، الذي لا يخرج عن سياق القطيعة التي يريدها الأمير الجديد، وقد يعود ناصر المحمد الطامح الى ولاية العهد.
في المقابل، تتوقع المصادر أن تحذو الكويت حذو السعودية في حسم مسألة الحكم بعد احتدام الصراعات بين أبناء الأسرة الحاكمة. وهناك من يدفع الى تعيين ولي للعهد لمرحلة انتقالية، على أن يحسم الأمر لاحقاً لمصلحة ابن الشيخ مشعل، فيتحول تداول الحكم من توارث الإخوة الى توارث الأبناء، علماً أنه كان تاريخياً بين أبناء العمومة، وتحول الى ما بين الإخوة في عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، وجاء اليوم وقت الجيل الثاني لا محالة. فهل يكون بين أبناء العمومة أم من الشيخ مشعل الى ابنه الشيخ أحمد ويقضى الأمر؟
واذا كان رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم خرج خاسراً في مرحلة الأمير الراحل الشيخ نواف، فهو اليوم أقرب الى العودة الى المشهد بقوة، مستنداً الى قربه من الأمير الجديد.
وبالعودة الى الصراع بين أبناء العمومة، ناصر المحمد وأحمد الفهد، فإنّ الأخير طامح لولاية العهد أيضاً، ويتوجس من إبعاده مجدداً عن المشهد لمصلحة غريمه (ابن عمه) كما لمصلحة عدوه السياسي التاريخي النائب مرزوق الغانم الذي يمثل العائلات التجارية والحضرية في الكويت.
وكان أحمد الفهد أحد أكبر عرّابي إصدار عفو أميري شمل معارضين ومتهمين بالإساءة الى «مسند الإمارة»، إضافة الى عفو عن أعضاء ما سمّي «خلية العبدلي» التي دعمتها إيران و»حزب الله»، وتورطت عام 2015 في حيازة مخازن سلاح أثارت هواجس أمنية كبيرة على مستوى الكويت والخليج آنذاك. وأعربت دول خليجية ضمناً عن استغراب ذلك العفو الذي يشمل تلك الخليّة التي وصفت بالإرهابية.
ويذكر أنّ الأمير الجديد معروف بقربه من الحكم في المملكة العربية السعودية، كما أنّ تاريخه العسكري يشي بأنه سيتخذ قرارات مفصلية تغيّر وجه الكويت في مسعى لوضع حدٍ للخلافات والصراعات القائمة في بلاد ينشط فيها الإسلاميون وممثلو القبائل أيضاً.