رسالة تحدّي لبنانية تغضب واشنطن و”إسرائيل”

توقعت “الديار” ان تزداد الضغوط الخارجية على لبنان الذي يستقبل خلال الساعات المقبلة دايفيد هيل القادم على وقع توقيع مرسوم تعديل الحدود البحرية الذي اغضب الاسرائيليين والاميركيين معا، بعدما اعتبرته واشنطن «رسالة تحدٍ لبنانية في توقيت شديد الحساسية، فيما تشير المعطيات الى انقسام لبنان حول هذا الملف مع تسريب موقف سلبي من الرئيس المكلف سعد الحريري حيال تعديل الخرائط بعد «رسالة» شديدة اللهجة من السفيرة الاميركية دوروثي شيَا حذرت من خلالها الى امكانية انسحاب «اسرائيل» من المفاوضات!
هذه التطورات تجري فيما تتحدث التقارير الديبلوماسية الغربية عن لحظات حاسمة تمر بها المنطقة، وسط تحذيرات من خروج الامور عن «السيطرة» نتيجة اندفاع «اسرائيل» نحو مغامرات غير محسوبة النتائج، واذا كانت الجبهة اللبنانية الاقل قابلية للاشتعال، ردا على الهجوم «الاسرائيلي» على مفاعل «نطنز النووي»، الا ان بيروت تجد نفسها تحت الضغط مجددا لان الاسرائيليين الذين يخوضون حرب بحار مع الايرانيين قد يجدون في الخلاف على الترسيم البحري حجة للتصعيد على الجبهة الشمالية. ووفقا لاوساط معنية بالملف، لا يعرف بعد ما اذا كانت رسائل «التهديد» الغربية مجرد تهويل للضغط على المفاوض اللبناني، ام ان «اسرائيل» التي تمر بأسوأ ازمة سياسية، وتعيش تخبطا أمنيا تحتاج الى معارك خارجية يستخدمها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الملاحق بتهم الفساد، لاعادة تعويم نفسه.
هذه الصورة ستكون اكثر وضوحا في الساعات القليلة المقبلة من خلال ما سيحمله وكيل مساعد الخارجية الاميركي ديفيد هيل الى بيروت، وقد سبقته مؤشرات سلبية تبلغتها أوساط سياسية رفيعة المستوى تفيد بأن الادارة الاميركية تشعر بكثير من «الاستياء» ازاء استباق المسؤولين اللبنانيين لزيارة الدبلوماسي الاميركي بتحريك مرسوم تعديل نقطة التفاوض البحرية والتي ستؤدي حكما الى نسف عملية التفاوض غير المباشر في الناقورة كما سبق وهدد «الاسرائيليين»، ولذلك فان استعجال الطرف اللبناني في خطواته التنفيذية عشية زيارة المسؤول الاميركي، فهمت في واشنطن على انها «رسالة» سلبية وفي توقيت خاطىء. وعلم في هذا السياق، بأن السفارة الاميركية في بيروت ضغطت باتجاه ابطاء عملية اكتمال التواقيع على المرسوم، وبعد فشلها تعمل على اقناع الجانب اللبناني بعدم استعجال ارساله الى الامم المتحدة، ريثما ينهي هيل مباحثاته في بيروت!
وفي سياق متصل، نقل زوار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عنه تشكيكه بملف الخرائط البحرية مع «اسرائيل»، معربا عن تفهمه لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري المتحفظ على نقاط الترسيم الجديدة! ووفقا لتلك المصادر لا يرى الحريري أي موجب «لتكبير الحجر» في مفاوضات ستزداد صعوبة وستؤدي الى خسارة لبنان مزيدا من الوقت، وفي النتيجة لن يستفيد من ثرواته الغازية في البحر، لانه مع التعقيدات الجديدة سيخسر لبنان أي احتمال لدعم موقفه من قبل «الوسيط» الاميركي. وبرأيه فان الخرائط الجديدة تتعارض مع التوصيات الصادرة عن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي وضعت في 13 ايار 2009 خريطة إحداثيات للنقاط الحدودية،موقعة من قبل أربعة ضباط يمثلون قيادة الجيش، فما الذي تغير الان؟
ووفقا لتلك الاوساط، يقول الحريري أن الحكومة التي ترأسها في 14 تموز2010 اودعت لدى الأمم المتحدة إحداثيات خط الوسط والنقطتين 23 جنوبا و7 شمالا في الأمم المتحدة وكانت تشير الى إن الخلاف هو على 860 كيلومتراً… وكذلك تبنت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الأول من تشرين الأول 2011 القرار الصادر عن مجلس الوزراء في 2009. فما الجديد الان لتتبنى التعديل الجديد، ونقرّ النقطة 29 التي تزيد من مساحة النزاع الحدودي إلى 2290 كيلومترا مربعا، ونضعها على «طاولة» التفاوض؟!
ووفقا لتلك المصادر، يخشى الحريري من دفع لبنان اثمان باهظة نتيجة هذه الخطوة التي يصفها بأنها غير مدروسة، وهو أكد في هذا السياق، انه ما كان ليوقع على مرسوم التعديل لو كان رئيسا للحكومة، لان الامر يحتاج الى الكثير من التعقل والدراسة، وليس الانسياق وراء شعارات قد تكون اثمانها باهظة!
وكان لبنان استبق وصول هيل الى بيروت، حيث سيحضر مرسوم ترسيم الحدود البحرية على «طاولة» المحادثات، برفع «سقف» التفاوض مع الجانبين الاميركي – و»الاسرائيلي» من خلال اطلاق المسار القانوني لتعديل الخرائط البحرية التي تضيف نحو 1400 كيلومتر مربع إلى منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة، فبعد اصرار الجيش على صحة خرائطه وقع وزير الاشغال في حكومة تصريف الاعمال ميشال النجار،»المرسوم 6433 وكذلك وزيرة الدفاع زينة عكر وبعدما وافق عليه رئيس الحكومة ارسلته الأمانة العامة الى رئاسة الجمهورية حيث يفترض ان يوقعه الرئيس ميشال عون اليوم ليعيده الى السراي حيث سيصدره دياب بصفة مرسوم «استثنائي».
ووفقا لاوساط حكومية فقد تم تجاوز عرض المرسوم على مجلس الوزراء من خلال اعتباره «استثنائيا، ففي ظل استحالة عقد جلسة للحكومة المستقيلة بعد رفض الرئيس دياب للامر، تم تجاوز هذه العقدة من خلال الاتفاق على الموافقة «الاستثنائية» من خلال التوافق مع رئاسة الجمهورية ليصبح المرسوم نافذا، على ان يعرض لاحقا على مجلس الوزراء الجديد ليتم تسويته.