لبنان بين الاقفال العام والجمود الحكومي..

تدخل البلاد اعتباراً من السبت المقبل حتى نهاية الشهر الحالي مرحلة اقفال عام شاملة وجديدة سعيا الى إعادة السيطرة على الانتشار الوبائي لفيروس كورونا المتسع على نطاق بالغ الخطورة، في وقت دخلت البلاد فعلياً في منطقة المراوحة في الملف الحكومي، بعد اجتماع عقد بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري في بعبدا، غابت عنه الايجابية، وتأثر سلباً بالعقوبات الأميركية التي فرضت على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
اذاً، يجتمع مجلس الدفاع الأعلى اليوم، في اجتماع طارئ لاتخاذ قرار الاقفال، بناءً لاتجاه لجنة الصحة الوزارية المعنية بكورونا، والمستند إلى تقرير اللجنة العلمية في وزارة الصحة، تجري حتى لحظة الانعقاد مشاورات حول الطريقة والمدة والإجراءات.. والاستثناءات والتداعيات، والآثار في الاحتمالات المختلفة، وعلى الصعد كافة، اقتصادية أو صحية أو تربوية، أو خدماتية، فضلاً عن التطرق إلى البدائل.
الأجواء الضبابية تسيطر على الحكومة بانتظار النتائج الأميركية… الحريري زار بعبدا ولا اتفاق نهائي
عيدية رئاسية مع انطلاق العام الخامس.. الحكومة تؤلف بتأنٍ على وقع ظهور العراقيل
وافادت مصادر مطلعة لـ”اللواء” أن المجلس سيخرج بتوصيات تتصل بالاقفال لكن أي استثناءات لم تحسم بعد خصوصا أن أصواتاً من القطاعات ارتفعت اعتراضا على الأقفال العام وبالتالي لم تتمكن لجنه كورونا من الوصول إلى اتفاق وتركت الأمر للمجلس الأعلى للدفاع. وأوضحت المصادر أن هناك من يقول أن المطار وبعض القطاعات مستثناة مشيرة إلى أن ثمة من يتحدث عن إقفال شبيه بما صدر في أوائل ايام التعبئة إلا ان كله يندرج في إطار الخيارات، بانتظار القرارات التي ستصدر اليوم.
ورفعت اللجنة حسب معلومات “اللواء” بالاقفال العام اعتبارا من يوم السبت المقبل في 14 الشهر الحالي ولغاية 30 منه، أي 17 يوماً، يُصار بعدها الى تقييم الموقف وإتخاذ القرار.
وافادت مصار المجتمعين لـ”اللواء” ان وزير الصحة الدكتور حمد حسن قدم عرضاً وافياً ودقيقاً لمسار انتشار كورونا واوضاع المستشفيات الحكومية والخاصة لا سيما لجهة عدم توافر الاسرة الكافية في غرف العناية الفائقة واقترح اقفال البلاد بصورة شاملة من السبت حتى نهاية الشهر، حتى تتمكن المستشفيات من توفير نحو 60 سريراً إضافياً او اكثر، وليلتقط القطاع الصحي المنهك انفاسه ، وايضاً بهدف السيطرة على انتشار الوباء عبر الاقفال الشامل وعدم الاختلاط. وتعهد وزير الصحة بالعمل على توفير بين 150 و200 سرير للعناية الفائقة.
وأوضحت المصادر ان الاقفال لن يشمل مطار رفيق الحريري الدولي وتبقى الرحلات مستمرة كالعادة. كما ان الاستثناءات ستطبق وفق إجراءات التعبئة العامة، وتشمل الاداراة العامة لتأمين عمل المرفق العام لكن بنصف عدد الموظفين، والقطاعين الزراعي والصناعي لتأمين استمرار الانتاج، والافران والسوبر ماركت ومحلات بيع المواد الغذائية والقطاع والاعلامي، على ان يتم التشدد في مراقبة الالتزام بالاجراءات الوقائية. وقد رفعت التوصية الى المجلس الاعلى للدفاع الذي يجتمع عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم لإتخاذ القرار المناسب.
وعشية اجتماع المجلس الأعلى للدفاع للبحث في إقرار توصية اللجنة الوزارية المختصة بإقفال البلد بشكل تام لمدة أسبوعين بدءاً من السبت المقبل وحتى 30 تشرين الثاني الجاري، كشفت مصادر نيابية لـ”نداء الوطن” عن وجود تباين في التوجهات بين هذه اللجنة وبين اللجنة الصحية التي لا توافق على مقررات لجنة حكومة تصريف الأعمال الوزارية باعتبارها تتخذ قرارات “غير مبنية على أسس علمية”، مشيرةً إلى أنّ اللجنة الصحية لكورونا ستجتمع بعد الظهر للتداول في القرارات والتدابير الواجب اتباعها، مع الإقرار بأنّ “الإقفال العام وإن كان خياراً غير مرحب به لدى كثيرين لكنه سيصبح أمراً واقعاً إذا صادق مجلس الدفاع عليه وبالتالي لا بد من التعامل معه بأفضل السبل لتحقيق أفضل النتائج”.
الحكومة الى نقطة الصفر
حكومياً، الأمور عادت إلى نقطة الصفر وحتى بيانات قصر بعبدا عن لقاءات رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف نزعت “الأجواء الإيجابية” من عباراتها، سيّما وأنّ أوساطاً مطلعة أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ العقوبات على رئيس “التيار الوطني الحر” انعكست “تصلباً في مواقف رئيس الجمهورية، وجعلت خيارات تدوير الزوايا ضيقة جداً”. وكما انسد الأفق في ملف التأليف، كذلك الآفاق المسدودة التي وصلت إليها السلطة في مجابهة كورونا دفعت بها إلى صمّ الآذان عن صرخات الصناعيين والتجار، لتحسم اليوم قرار الإقفال العام “بالإكراه” كما وصفته أوساط معارضة للخطوة، محذرةً من أنّ اعتماد هكذا خطوة من شأنه أن “يُسقط آخر أحجار الدومينو” في المؤسسات التي لا تزال صامدة، ما سيعرض البلد إلى جائحة “إفلاسات وإقفالات” لن تُحمد عقباها على آلاف الموظفين والعاملين في القطاعين التجاري والصناعي.
وحسب مصادر متابعة فإن أي معلومات عن لقاء رئيس الجمهورية ورئيس المكلف تأليف الحكومة لم ترشح لكن الأجواء المحيطة أشارت إلى أن الملف الحكومي لا يزال يحتاج إلى بعض الحلحلة لجهة توزيع الحقائب الخدماتية على أن ما من تقدم نوعي قد سجل.
وأشارت مصادر رسمية الى ان الرئيس عون لا زال عند موقفه بالمداورة في كل الحقائب. وعليه بقيت الأمور تراوح مكانها من الجمود بإنتظار تطور ما يفتح ثغرة جديدة في الجدار. ربما كان بتحرك جديد للرئيس نبيه بري الذي قالت مصادره انه ما زال يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان، لكن قنوات التواصل مفتوحة ولا بد من تحقيق خطوات ايجابية لأن وضع البلاد والعباد لم يعد يحتمل.
وثمة روايتان هنا لما حصل خلال الاجتماع: من جهة تشير المصادر العونية الى أن اللقاء اتسم بالسلبية ربطاً باستمرار الحريري في رفع سقف شروطه وإصراره على تسمية الوزراء المسيحيين، إضافة الى تراجعه عمّا تم الاتفاق عليه بشأن تسمية العونيين، وبالتحديد رئيس الجمهورية، لوزير الداخلية. كذلك الأمر في ما خص وزارتَي الاتصالات والطاقة. ما سبق أسهم في عدم إصدار القصر الجمهوري أي بيان حول الاجتماع. في المقابل، تنقض أجواء الحريري الرواية العونية، وتؤكد إيجابية فائقة في المشاورات الحكومية التي حصلت يوم أمس بينه وبين عون. لا بل تكشف أن رئيس الجمهورية سلّم الحريري أسماء مرشحين اثنين لوزارة الداخلية، ومرشحين اثنين آخرين لشغل وزارة الدفاع. وبالتالي تسير الأمور “على نحو ممتاز، ويفترض أن تصل قريباً الى خواتيمها السعيدة”.
مبعوث فرنسي غداً في بيروت
وسط هذه الأجواء، يصل المبعوث الرئاسي الفرنسي السفير بيار دوكان إلى بيروت، غداً (الأربعاء)، ويعقد لقاءات مع مسؤولين لبنانيين تتناول ملف تشكيل الحكومة اللبنانية الذي دخل في مراوحة منذ الأسبوع الماضي على خلفية تعقيدات جديدة.
وقالت مصادر سياسية لبنانية لـ”الشرق الاوسط” إن المبعوث الرئاسي الفرنسي حدد مواعيد لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين يومي الخميس والجمعة، ستشمل محادثات حول الملف الحكومي.
ويُنظر إلى الزيارة على أنها مسعى فرنسي جديد لتحقيق خرق على مستوى العقبات التي تحيل دون التوصل إلى توافق سياسي لتشكيل الحكومة، بعد تعثر المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الصيف الماضي.
ومنذ تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة سعد الحريري، سارت المساعي بإيجابية قبل أن تتعقد في الأسبوع الماضي على خلفية توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف وتسمية وزرائها. وازدادت التعقيدات إثر التشدد الي أبداه رئيس ««التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل عقب إدراجه على قوائم العقوبات الأميركية.