اخبار محليةالرئيسية

عندما تسدد الآحادية في الجبل فاتورة الصوت التفضيلي

هشام الأعور

المُفرح في وصف قانون الانتخاب إنه أخذ بثأره من واضعيه وتلاعب بأعصابهم في 6 أيار 2018، بعدما توقعت الطبقة الحاكمة في 16 حزيران 2017 عند اقراره انه دمية ديمقراطية صغيرة بين ايديهم، ليس قليلاً القول عنه أنه محاسب اكثر مما ظن واوحى لكثر ممن وقعوا في شباك الخسارة.

يحمل قانون الانتخاب الكثير من الثغر والنواقص في النص، لكنه يحمل من الفضائل ما يجعله منصفاً من حيث التطبيق، ثبت ان اساسه هو الحاصل الانتخابي وليس الصوت التفضيلي كما اعتقد البعض، فرض الحاصل وحدة التحالف بين قوى سياسية واحزاب لا يجمعها سواه، ولكن سرعان ما وجدوا أنفسهم مفككين بالصوت التفضيلي، الامر الذي فتح أبواب ساحة النجمة امام اللوائح الصغيرة، كي تتأهل الى الندوة البرلمانية، ذلك ما راهن عليه معظم الزعماء ورؤساء الاحزاب وقادة اللوائح إذ بدوا يخوضون معركة الحاصل، الممزوج برحلة الركض وراء الصوت التفضيلي.

من هنا يمكن ان نفهم التصعيد الكلامي الذي كان يترافق مع كل انواع التحريض والشحن المذهبي بغية اجتذاب اوسع قاعدة من الناخبين، وكأن بقانون النسبية والتفضيلي سرعان ما يتحول الى القانون” الارثوذكسي”، حيث كل ناخب يصوت للمرشح من نفس المذهب الذي ينتمي اليه.

جمّد التيار الوطني الحر تفاهم معراب مع القوات اللبنانية من أجل الحاصل الانتخابي.

رفع سعد الحريري لهجة الخطاب مع حزب الله كرمى عيون الحاصل الانتخابي.

عثر وليد جنبلاط على ضالته مع الوزير وئام وهاب لتجييش بعض الناخبين واجتذابهم الى صناديق الاقتراع، بإسم انتقال الزعامة الجنبلاطية الى نجله تيمور ومحاربة التغيير، وهو الذي تمرس على تجربة الادارة المدنية في الجبل واستيلاد نواب دروز ومسحيين في كنف الاحادية.

خاض المرشحون معركة الحاصل بنكهة الصوت التفضيلي، بيد ان الاحلام سرعان ما تحطمت على صخرة الاقبال الهزيل على صناديق الاقتراع، ولكن من أبرز تداعيات قانون الانتخاب هو التصدع الذي اصاب بنية بعض الزعامات التقليدية وخصوصاً في الجبل، بعد ان نال الوزير وهاب 7430 صوتا تفضيلياً سمحوا له بالتفوق على خصمه مروان حماده (7266 اصواتاً تفضيلية)،  وكاد وهاب أن يفوز بالمقعد الدرزي في الشوف لولا رحمة الحاصل الانتخابي وتدخل عنايته لمصلحة حماده ربما ليس مخافة على مستقبل هذا الرجل بقدر ولائه وحبه لـ “اوسكار”.

لا يمكن ان يمر مرور الكرام حصول الوزير وئام وهاب على اصوات تفضيلية جعلته المنافس الأوحد للزعامة الجنبلاطية، في ظل ضمور الزعامة الارسلانية وتراجع حضور الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي نال مرشحه في الشوف ما يقارب الـ700 صوتاً تفضيلياً، وليس قليل الدلالة ان يحل وريث الزعامة الجنبلاطية تيمور جنبلاط في المرتبة الرابعة في ترتيب الفائزين في لائحة ” المصالحة”. ويحل مروان حمادة ونعمة طعمة في المراتب الاخيرةشن ولم يعد سراً أيضاً ان وليد جنبلاط تخوف من تقدم وهاب على نجله تيمور في أول انتخابات نيابية يخوضها الاخير، فإذا بنتائج الاصوات تبدل موازين القوى في الجبل، وتكرّس وهاب رقماً صعباً في المعادلة السياسية.

مر قطوع تكرار تجربة 1957، الذي حذر منها جنبلاط الأب مراراً وتكراراً لم يسقط جنبلاط الحفيد في انتخابات 2018، كما سقط جده كمال جنبلاط في انتخابات 1957، ولكن بدا ان ثمة رجلاً واحداً فقط، ربما كان الرابح غير المعلن، الذي لم يصب بقروح الاستحقاق النيابي وهو الاكثر اطمئناناً الى ارض يقف عليها ضمن مملكة هي الأعز على قلبه، انها محبة الناس للوزير وهاب التي زُرعت في أرض الكرامة، فأينعت نصراً وتغييراً ظهرت ملامحه في نتائج الإنتخابات التي شهدناها بالأمس القريب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى